المحايد/ استقصائي
ينتظر العراقيون العاشر من تشرين الأول للمشاركة بالانتخابات النيابية المبكرة المقبلة، وبعضهم متفائل وآخر متشائم، بسبب ما هو مطروح على واقع الساحة السياسية في العراق، والانقسامات الحاصلة، وانتشار السلاح المنفلت، الذي هدد الدولة والقانون مراراً وتكرارا.
الانتخابات قد تكون بين تحالفات "مسلحة" وأخرى تدّعي نصرتها لقوى الدولة والقانون على قوى اللا دولة، وقوى هيمنت على المال للترويج لنفسها وتسقيط الآخرين، وبين كل هذه الأمور التي ذُكرت، سيبقى العراقي منتظراً حائراً في هذه الانتخابات التي ستكون مختلفة تماماً عن التي سبقتها.
وما زالت الأحزاب السياسية تسابق الزمن، استعداداً لخوض الماراثون الانتخابي المحموم، وقد بدت التحالفات السياسية واضحة خصوصاً بعد ما أغلقت مفوضية الانتخابات باب تسجيل الأحزاب والتحالفات السياسية في مطلع الشهر الماضي.
وحتى الآن، يرى مراقبون أن القوى السياسية المنبثقة عن تحالف الفتح، الذي يضم فصائل مسلحة، قد تكون الأخطر على الانتخابات، بسبب امتلاكها أجنحة مسلحة، واستعرضت تلك الفصائل أكثر من مرة داخل بغداد خلافاً لأوامر القائد العام للقوات المسلحة.
وإلى جانب السلاح الذي يتخوف منه العراقيون، تشكّل تحالف انتخابي جديد تحت اسم "العزم" برئاسة رئيس المشروع العربي خميس الخنجر، الذي يصفه بعض العراقيين بأنه داعم للإرهاب، وفقاً لرؤية تشكّلت سابقاً، عندما أبدى موقفه علنياً بأنه مع إسقاط المحافظات العراقية بيد ما أسماهم بـ "الثوار"، خلال عام 2014.
وسيدخل تحالف العزم بمشاركة شخصيات سياسية سنية، اتهمها بعض أهالي المناطق المحررة بسرقة الأموال المخصصة لتلك المحافظات، ومنهم "سليم الجبوري، وخالد العبيدي، وجمال الكربولي" الذي اعتقلته مؤخراً لجنة مكافحة الفساد، لتورطه بقضايا فساد.
واعتمد تحالف "العزم" على شخصيات من الصف الأول استقطبها ضمن صفوفه؛ مثل مثنى السامرائي، وأحمد الجربا، وسليم الجبوري، وخالد العبيدي، ومحمد الكربولي، وآخرين.
وبعد إغلاق باب تسجيل التحالفات السياسية، يحاول تيار الحكمة برئاسة عمار الحكيم، الدخول إلى الانتخابات المقبلة، لتعويض خسارته التي حصلت عام 2018، ليتحالف مؤخراً مع تحالف النصر برئاسة رئيس الوزراء الأسبق، حيدر العبادي، إضافة إلى حزب المؤتمر الوطني العراقي ومجموعات "مدنية"، لتشكيل تحالف يعرف بـ"تحالف قوى الدولة".
ويُفترض أن يكون التحالف المذكور آنفاً، المعادل الشيعي للقوى السياسية الشيعية الأخرى التي تمتلك فصائل مسلحة مثل تحالف الفتح، الذي يضم كيانا بين أحزاب ومنظمات وتجمعات، غالبيتها مكونة من فصائل الحشد.
وإلى التيار الصدري الذي يتزعمه مقتدى الصدر، بدا واضحاً التقارب السياسي بينه وبين الحزب الديمقراطي الكردستاني، خصوصاً بعد ما أجرى الوفد الكردي زيارة إلى بغداد في الأيام الأخيرة، والتقى فيها الجناح السياسي للتيار الصدري.
ومن جهته، أعلن الاتحاد الوطني الكردستاني وحركة التغيير من مقرهما في مدينة السليمانية الشمالية في إقليم كردستان، تشكيل تحالف انتخابي موحد للمشاركة بقائمة واحدة في الانتخابات المقبلة وسجلاه بشكل رسمي لدى المفوضية العليا للانتخابات مع انتهاء فترة التسجيل، ويحمل اسم "تحالف كردستان" ويترأسه لاهور شيخ جنكي الرئيس المشترك للاتحاد الوطني الكردستاني.
ومع هذه التحالفات، يعتزم رئيس مجلس النواب، محمد الحلبوسي، خوض الانتخابات من خلال تحالف "تقدم"، الذي أسسه خلال الفترة الماضية، وأسماه بعض الذين كانوا ضمنه بـ "الباص البرتقالي"، لتتأكد المقولة بعد انتشار صور لباص برتقالي أُدرج عليه اسم حزب تقدم، مع كتابة عبارة عليه "نقل الركاب مجاناً".
وواجهت تلك التحالفات اعتراضات وانتقادات بسبب عدم تشكيل تحالف رئيس واحد، كما حصل في أغلب الانتخابات السابقة، فضلا عن عدم جدواها وسرعة تفككها عقب تشكيل الحكومة.
وكان من المقرر أن تشهد الانتخابات المقبلة، دخول قوى سياسية أفرزتها ساحات الاحتجاج وتظاهرات تشرين عام 2019، إلا أنها انسحبت بعد موجة الاغتيالات التي طالت الناشطين المشاركين في احتجاجات تشرين، وآخرها التي استهدفت إيهاب الوزني في محافظة كربلاء، لتعلن القوى التشرينية انسحابها من خوض الانتخابات النيابية المقبلة، بسبب عدم تأمين الأجواء.
وما زالت المخاوف من سيطرة السلاح المنفلت على الانتخابات قائمة، خصوصاً بعد اغتيال عدد من المرشحين المستقلين، وآخرين ينتمون لتحالفات سياسية ذًكرت آنفاً.
وبانتهاء التسجيل لخوض الانتخابات فقد بلغ عدد المرشحين لها 3523 مرشحاً والأحزاب المتقدمة لخوضها 126 حزباً إضافة إلى 22 تحالفاً سياسياً بحسب ما أعلنت المفوضية العليا للانتخابات الأحد. وقدمت التحالفات 1002 مرشح فيما قدمت الأحزاب 1634 مرشحاً والبقية من المستقلين.
وستنتج الانتخابات المقبلة المقرر إجراؤها في أكتوبر المقبل، حكومة قد تكون مختلفة عن حكومة رئيس الوزراء الحالي مصطفى الكاظمي، الذي وصل إلى السلطة قبل عام بعد أن أطاحت حركة احتجاجية بالحكومة السابقة وفشلت المحاولات المتتالية لتأسيس حكومة جديدة.
وهناك شكوك حول مدى إمكانية إجرائها في ظل شروط النزاهة والشفافية، وتشمل أسباب ذلك، وفق تحليل قدمه معهد السلام الأميركي، استمرار الأحزاب السياسية نفسها في استخدام مجموعاتها المسلحة؛ كما أن الفساد ما زال يعيق أجهزة إنفاذ القانون، وما يسببه ذلك من عدم استقرار للبلاد.
التحليل أشار أيضا إلى أن "مرتكبي الاغتيالات السياسية التي شهدها العراق خلال السنة الأخيرة لايزالون بلا عقاب، مما يفتح الباب لمزيد من عدم استتباب الأمن".