يثير مفهوم الكتلة البرلمانية الأكبر التي أوكل لها الدستور العراقي مهمة تشكيل الحكومة، مجدداً، الجدل في الأوساط السياسية والقانونية العراقية.
وذلك بعد إعلان المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، النتائج الأولية للانتخابات المبكرة التي جرت الأحد الماضي.
وتنص المادة (76) أولاً من الدستور العراقي لسنة 2005، على أن يكلف رئيس الجمهورية، مرشح الكتلة النيابية الأكثر عدداً، بتشكيل مجلس الوزراء، خلال 15 يوماً من تاريخ انتخاب رئيس الجمهورية.
واختلفت الآراء والتفسيرات لهذه المادة الدستورية خلال الدورات البرلمانية الأربع السابقة، لكن الدورة الحالية، وحسب ناشطين ومراقبين للشأن العراقي، تختلف عن سابقاتها في إمكانية اجتياز هذه العقبة من خلال قانون الانتخابات الجديد.
لكن حزب "كوران" أو "التغيير" الذي كان يملك 8 مقاعد في البرلمان السابق، لم يحظ حتى الآن بأي مقعد كما قال، وأعلنت قيادته استقالتها إثر النتائج.
يقول الناشط السياسي عمار سرحان، "ستحسم إشكالية الكتلة الأكبر بأسرع وقت لأن المادة (45) من القانون الانتخابي الجديد، حسمت هذا الأمر بعدم انتقال أي نائب أو حزب من قائمة أو كتلة أو تحالف لآخر، إلا بعد تشكيل الحكومة".
"لذلك لن يتكرر سيناريو انتخابات 2018 مجددا، وهذه المادة ستعجّل من تحالفات القوائم"، يضيف سرحان.
وتنص المادة (45) من قانون الانتخابات العراقي رقم (9) لسنة 2020، على أنه "لا يحق لأي نائب أو حزب أو كتلة مسجلة ضمن قائمة مفتوحة فائزة بالانتخابات، الانتقال إلى ائتلاف أو حزب أو كتلة أو قائمة أخرى، إلا بعد تشكيل الحكومة بعد الانتخابات مباشرة، دون أن يخل ذلك بحق القوائم المفتوحة أو المنفردة المسجلة قبل إجراء الانتخابات، من الائتلاف مع قوائم أخرى بعد إجراء الانتخابات".
وحسب النتائج الأولى، توكل للتيار الصدري مهمة تشكيل الحكومة، لكنها تحتاج إلى تشكيل تحالف برلماني من 165 مقعدا؛ لمواجهة أية محاولات من قبل منافسيها فيما إذا تحالفوا بينهم.
ويرى منسق مشروع تعزيز الديمقراطية في جنوب العراق، مدرك حسين علي، أن التيار الصدري "سيواجه صعوبة كبيرة في تشكيل الحكومة، إذا تحالفت قوى سياسية مثل الفتح ودولة القانون وقوى الدولة وقوائم أخرى، تنوي إخضاعه لتوافقات سياسية، وتوازن المصالح لجميع الأطراف، على ألا ترجح المصلحة السياسية للكتلة الصدرية".
وأعلنت المحكمة الاتحادية العليا في ديسمبر 2019 عن تفسيرها لحكم المادة (76) من الدستور، أن تعبير (الكتلة النيابية الأكثر عدداً)، يعني إما الكتلة التي تكونت بعد الانتخابات من خلال قائمة انتخابية واحدة، أو المتشكلة بعد الانتخابات من قائمتين أو أكثر من القوائم الانتخابية، ودخلت مجلس النواب، وأدى أعضاؤها اليمين الدستورية في الجلسة الأولى، الأكثر عدداً من بقية الكتل، يتولى رئيس الجمهورية تكليف مرشحها بتشكيل مجلس الوزراء.
من جهته، يقول الحقوقي هاني البصري، إن المحكمة الاتحادية "حسمت الخلاف حول الكتلة الأكبر بعد انتخابات عام 2010 التي فازت فيها القائمة الوطنية بزعامة أياد علاوي آنذاك بـ91 مقعداً، تلتها دولة القانون بزعامة نوري المالكي بـ89 مقعداً، وحسمت المحكمة النزاع بقرارها الذي اعتبر الكتلة الأكبر، هي التي تتشكل من التحالفات بعد تشكيل البرلمان وليس القائمة أو الكتلة التي تفوز بالانتخابات بأعلى المقاعد".
"فتحالف الصدريين وقتها مع دولة القانون لتشكيل الكتلة الأكبر، حسب تفسير المحكمة الاتحادية وأُبعد علاوي ليصبح المالكي رئيساً للوزراء بعد أن رشحته الكتلة الأكبر"، يوضح البصري.
ويشير إلى أن "قرارات المحكمة الاتحادية قطعية ملزمة للكل وغير خاضعة للطعن، وهذا التفسير سيحدد من هي الكتلة الأكبر بعد تشكيل البرلمان وليس قبله".