المحايد/ ملفات
وضع إعلان التيار الصدري عن تحريك دعاوى قضائية بحق وزارة التربية، بتهمة هدر المال العام، مثنى السامرائي تحت "المحاصرة القانونية"، لامتلاكه شركة احتكرت طباعة الكتب المدرسية، طوال الأعوام العشرة الماضية، بحسب مصادر مختصة.
السامرائي كان يشغل منصب نائب رئيس اللجنة المالية في مجلس النواب، بالدورة التي حُلِت في السابع من تشرين الأول الماضي، قبيل الانتخابات التشريعية بثلاثة أيام، إلا أنه قد تهرب من الدعاوى القضائية، بعد فشل رفع الحصانة عنه، لأسباب سياسية.
والشركة التي احتكرت ملف طباعة الكتب الدراسية منذ العام 2010 ولغاية الآن، هي شركة الوفاق، التابعة لمثنى السامرائي، بالتعاون مع دار النهرين الحكومية، وشركة المستلزمات الحكومية، وفقاً لمصادر مطلعة.
وكان السامرائي، قد حرص خلال وجوده كنائب لرئيس اللجنة المالية بالبرلمان، على إضافة المادة 14 بقانون الموازنة الاتحادية للعام 2021، لاسيما الفقرة الخاصة بطباعة المناهج الدراسية، التي فتحت الباب لوزارة التربية بالتعاقد مع شركات القطاع الخاص، بحسب ما يرى مراقبون للشأن السياسي، ومحللون شخّصوا الخلل الذي شاب بعض فقرات الموازنة.
ونصت الفقرة الرابعة من المادة 14 في قانون الموازنة، على أن يكون لوزارة التربية دعوة القطاعين العام والخاص داخل العراق لتنفيذ طبع الكتب المدرسية لسد احتياجاتها وفقا للمواصفات والمعايير الفنية المحددة من الوزارة، وتكليف التشكيلات التخصصية التابعة لها او القطاع العام لتجهيزها بالأثاث والمستلزمات التربوية، والتعاقد بصيغة اعتماد مستندي معزز وفقا للمواصفات الفنية المعدة من قبلها مع الغاء قرار 790 لسنة 2018.
ويؤكد مراقبون أن "قرار إضافة فقرة طباعة الكتب المدرسية، يتعلق بمصلحة شخص بعينه، في واقعة فساد غير مسبوقة، يتم فيها استغلال قانون الموازنة لتحقيق مصالح احد أعضاء اللجنة المالية في البرلمان، وهو مثنى السامرائي".
وهذا الملف الذي يشوبه قضايا الفساد، دفع الهيئة السياسية للتيار الصدري، إلى تحريك دعوى قضائية ضد كل وزراء التربية، الذين تهاونوا بملف احتكار الكتب المدرسية لصالح شخصية سياسية.
ويوم أمس السبت، أعلن مسؤول ملف النزاهة والادعاء العام في الهيئة السياسية للتيار الصدري، جواد الشهيلي، إقامة دعوى قضائية ضد كل وزراء التربية من عام 2010 ولحد الآن.
وقال الشهيلي في بيان حصل "المحايد" على نسخة منه: "استنادًا إلى توجيهات سماحة السيد مقتدى الصدر، وتماشيًا مع المشروع الإصلاحي لسماحته، تابعنا مع مسؤولي وزارة التربية أسباب تأخر تجهيز الطلبة بالكتب المدرسية".
وأضاف، أن "هناك مشكلة حقيقية في وزارة التربية ألا وهي استحواذ شركة واحدة على كل مقدرات الوزارة وأبنائنا الطلبة منذ عام 2010 ولحد الآن كشريك وطني لتجهيز المستلزمات التربوية".
وتابع الشهيلي: "ويقع على عاتقنا كنزاهة وادعاء عام في الهيئة السياسية للتيار الصدري متابعة هذا الملف الخطير والمباشرة بإقامة دعوى قضائية ضد كل وزراء التربية من عام 2010 ولغاية الوزير الحالي".
وأكد الشهيلي "أهمية التحقيق في المغالات الواضحة في أسعار طباعة الكتب والمستلزمات الدراسية والوقوف على أسباب تجاوز القوانين والإحالة بالمباشر لهذه الشركة بل والتجديد لها قبل تسعة أشهر".
وأوضح قائلاً: "لا يوجد أدنى شك بأن هنالك مؤشرات فساد تحوم حول هذا الملف وهي بحاجة إلى تحرك قضائي للكشف عن المسبب الرئيسي بالهدر في المال العام والحاق الضرر بابنائنا الطلبة".
وأفاد مراقبون على مواقع التواصل الاجتماعي، بعدد من المعلومات وقضايا الفساد المُتّهم بها مثنى السامرائي، وأهمها ملف طباعة الكتب المدرسية، حيث قال مراقبون، إن "عهد وزير التربية السابق، محمد تميم، شهد إحالة طباعة الكتب لشركة يديرها مثنى السامرائي".
وكان وزير الدفاع الأسبق خالد العبيدي، قد قال في جلسة استجوابه الشهيرة، إن "السامرائي هو الذي كان يساوم ويبتز ويستلم الرشى والعمولات نيابة عن سليم الجبوري"، إلا أن الأيام مرّت، حتى أصبحوا السامرائي والجبوري والعبيدي في تحالف انتخابي واحد، أسموه بـ "تحالف عزم".
وأشار المراقبون إلى أن "وزارة التربية العراقية اشترت مطبعة السامرائي الشخصية منه بقيمة 135 مليار دينار، مانحة إياه 5 أضعاف سعرها في تسخير واضح لأموال الدولة لمنفعة (مثنى السامرائي) الشخصية".
ويُتّهم السامرائي بعدد من ملفات الفساد، ففي العام الماضي، طلب الادعاء العام من مجلس النواب الموافقة على رفع الحصانة عن مثنى السامرائي على خلفية اعترافات أدلت بها وزيرة التربية السابقة، ويأتي الطلب بعد أكثر من عام على افتضاح فساد عقد التأمين الصحي الذي أبرمته وزارة التربية مع شركة مملوكة للنائب مثنى السامرائي.
وفتح القضاء تحقيقا موسعا آنذاك، في إحالة عقد تأمين صحي لمجموعة من المستثمرين اللبنانيين، حيث يتم اقتطاع مبلغ 3500 دينار من موظفي الوزارة شهرياَ، مقابل تأمين صحي للموظفين.
واعلن القضاء الأعلى احتجاز 8 شخصيات بينهم وكيل وزير التربية، كما أشار الى اتهام وزيرة التربية آنذاك سها العلي بيك، بالإضافة الى تورط نائب كشف عن مساعي لرفع الحصانة عنه.
وتم استقدام وزيرة التربية للتحقيقات ثم أطلق سراحها بكفالة. وجاء في الكتاب الذي وجهه رئيس جهاز الادعاء القاضي موفق محمود محمد صالح الى مكتب رئيس مجلس النواب، وحمل تاريخ 24 / 11 / 2020، "نود ان نبين بانه سبق وان تم اجراء التحقيق من قبل محكمة تحقيق الرصافة المختصة بقضايا النزاهة بصدد القضية الخاصة بالإخبار المقدم من قبل وزير التربية السابق سها خليل حسين والمتهم فيها هيثم حاتم نوري".
وأضاف الادعاء العام آنذاك: "قررت المحكمة المذكورة استقدام عضو مجلس النواب المشكو منه مثنى عبدالصمد محمد حسين السامرائي وفق المادة 430/ من قانون العقوبات وبعد ان استكملت المحكمة المذكورة اجراءاتها طلبت مفاتحتكم للنظر في رفع الحصانة عن المشكو منه عضو مجلس النواب المذكور".
ويأتي الكشف عن طلب الادعاء العام بعد اقل من أسبوع على قرار القضاء الذي حكم على مدير قسم العقود في وزارة التربية ومدير شركة على خلفية ابرامه عقداً يقضي باجبار موظفي الوزارة على التأمين الصحي.
وقال بيان لهيئة النزاهة ان محكمة جنايات مكافحة الفساد المركزية أصدرت "حكماً بالحبس مدة ثلاث سنواتٍ بحقِّ مدير قسم العقود في وزارة التربية؛ استناداً إلى أحكام القرار (١٦٠ لسنة ١٩٨٣)"، موضحةً أن "قرار الحكم جاء على خلفيَّة إعداد المدان ملحقاً للعقد".
واضاف البيان ان "المحكمة أصدرت حكماً آخر يقضي بالحبس مدة سنةٍ واحدةٍ بحق المدير المفوض للشركة المتعاقدة مع الوزارة؛ استناداً إلى أحكام المادَّة (٤٥٦) من قانون العقوبات؛ وذلك لسلوكه وسائل الاحتيال بتسلم مبالغ العقد". وكان مجلس القضاء اصدر بيانا، مطلع أيار الماضي، شرح فيه تفاصيل فساد عقد التأمين، كاشفاً عن احتجاز ثمانية أشخاص، بينهم وكيل وزارة التربية، مضيفاً أن بين المتهمين وزيرة التربية التي أطلق سراحها بكفالة بانتظار موعد المحاكمة.
وبحسب البيان فإن برلمانيا عراقيا سترفع عنه الحصانة بعد اتهامه بالوقوف خلف تلك الجريمة، تمهيدا لمحاكمته بشأن الشبهات حول العقد الذي بلغت قيمته 41 مليار دينار (نحو 33 مليون دولار).
وتداولت وسائل اعلام محلية اسم النائب مثنى السامرائي مالك شركة "ارض الوطن" التي ابرمت عقد التأمين مع وزيرة التربية، ويأتي طلب الادعاء العام لرفع الحصانة عن السامرائي تأكيدا للتسريبات التي تحدثت عن صلته بعقد التأمين، لاسيما وانه يستند على إخبار وزيرة التربية السابقة سها العلي بيك.
وكان البنك المركزي، قد قرر في نيسان 2020، وضع اليد على مصرف الوفاق التابع لمثنى عبد الصمد السامرائي بسبب شبهات فساد تحوم حوله متعلقة بمشاريع وطبع الكتب المنهجية للمراحل الدراسية لصالح وزارة التربية، واحتجز البنك الاموال المودعة للمصرف والبالغة 8 مليارات دينار عراقي حسب وثيقة أصدرها البنك المركزي العراقي.