المحايد/ ملفات
بعد نجاحه من الهرب في السنوات السابقة، من الملاحقات القضائية إثر ملفات فساد مختلفة، يقترب القضاء من وضع مثنى السامرائي خلف القضبان، بعد ما تحرك التيار الصدري لمقاضاته مع وزراء التربية السابقين، على خلفية ملفات الفساد التي حصلت بالوزارة.
السامرائي الذي كان يشغل منصب نائب رئيس اللجنة المالية النيابية، في الدورة البرلمانية التي حُلّت بالسابع من تشرين الأول الماضي، هرب من المثول أمام القضاء، بعد قضية ملف فساد التأمين الصحي، الذي اعترفت به وزير التربية السابقة سها خليل.
لم يكتفِ السامرائي بملف فساد التأمين الصحي لموظفي التربية فحسب، بل سلّط شركته "الوفاق"، وبالتعاون مع دار النهرين الحكومية، وشركة المستلزمات الحكومية، على احتكار ملف طباعة الكتب المدرسية، وبأسعار خيالية.
وبحسب المعلومات المتوفرة من مصادر مطلعة، حول شخصية مثنى السامرائي يبرز الأخير كأحد ابرز المتورطين بصفقات فساد تخص وزارة الدفاع بحسب اتهامات خالد العبيدي ، وصفقات اخرى ابرمت مع وزارة التربية في عهد عدد من الوزراء.
وبعد سقوط النظام السابق، حاول السامرائي التقرب من السياسيين السنة والاحزاب حتى استطاع الحصول على وظيفة في مصرف الوركاء الأهلي التي تدرج فيها حتى عين مديرا لفرع المصرف في المنطقة الخضراء، إلا أنه لم يدم بمنصبه طويلاً حيث رفعت ادارة المصرف دعاوى قضائية ضده بتهم فساد واختلاس، وكان قد استطاع ان يقنع الامريكان بإبرام اتفاق معهم لإيداع أموالهم اثناء تواجدهم في العراق.
وصدرت بحق السامرائي ست مذكرات اعتقال في العام 2005، ثم غادر على اثرها خارج العراق بمساعدة سياسي متنفذ، قبل أن يعود في العام 2014 حيث عينه سليم الجبوري مستشارا له، بحسب المصادر المطلعة.
وتشير المصادر إلى أن "السامرائي دفع مبلغ 25 مليون دولار مقابل الابقاء على تجديد الثقة لعدد من الوزراء خلال حكومتي حيدر العبادي وعادل عبد المهدي".
وعُرف السامرائي للرأي العام لأول مرة عندما ذكر اسمه وزير الدفاع خالد العبيدي خلال استجوابه بقضايا تتعلق بصفقات “الهمرات واطعام الجنود”، إلا أن العبيدي والسامرائي دخلا تحالفاً انتخابياً موحداً، تحت مظلّة خميس الخنجر، المتهم بقضايا الإرهاب.
والآن، يواجه السامرائي مأزقاً بالنسبة له، قد لا يخرج منه، بسبب إصرار التيار الصدري على فتح ملف فساد طباعة الكتب المدرسية، الذي كان بطله مثنى السامرائي، من خلال شركته التي احتكرت الطباعة لها.
مصادر مطلعة أفادت للـ"المحايد"، بأن "السامرائي يستعد للهرب خارج العراق بعد تدخل التيار الصدري وفتح ملفات الفساد بطباعة المناهج الدراسية".
المصادر أكدت أن "السامرائي حاول التوسط وإرسال وفد إلى التيار الصدري لغلق ملف فساد طباعة الكتب الدراسية وعدم مقاضاته، إلا أن تلك المحاولات باءت بالفشل".
ويشير مصدر مطلع إلى أن "التيار الصدري مصرّ على فتح الملف الذي سرقت فيه شركة الوفاق التابعة للسامرائي مليارات الدولارات منذ أول عقد لها لها بعد عام 2010 ولغاية الآن".
ويضيف أن "التيار الصدري توجه بملفات فساد السامرائي إلى القضاء تمهيداً لجره إلى التحقيق بهذا الملف وصدور الأحكام القضائية العادلة بحقه".
ويؤكد مراقبون، أن "فتح ملف طباعة الكتب الدراسية والتحقيق به سيطيح بإمبراطورية السامرائي المالية التي بناها من سرقة المال العام".
وكان السامرائي، قد حرص خلال وجوده كنائب لرئيس اللجنة المالية بالبرلمان، على إضافة المادة 14 بقانون الموازنة الاتحادية للعام 2021، لاسيما الفقرة الخاصة بطباعة المناهج الدراسية، التي فتحت الباب لوزارة التربية بالتعاقد مع شركات القطاع الخاص، بحسب ما يرى مراقبون للشأن السياسي، ومحللون شخّصوا الخلل الذي شاب بعض فقرات الموازنة.
ونصت الفقرة الرابعة من المادة 14 في قانون الموازنة، على أن يكون لوزارة التربية دعوة القطاعين العام والخاص داخل العراق لتنفيذ طبع الكتب المدرسية لسد احتياجاتها وفقا للمواصفات والمعايير الفنية المحددة من الوزارة، وتكليف التشكيلات التخصصية التابعة لها او القطاع العام لتجهيزها بالأثاث والمستلزمات التربوية، والتعاقد بصيغة اعتماد مستندي معزز وفقا للمواصفات الفنية المعدة من قبلها مع الغاء قرار 790 لسنة 2018.
ويؤكد مراقبون أن "قرار إضافة فقرة طباعة الكتب المدرسية، يتعلق بمصلحة شخص بعينه، في واقعة فساد غير مسبوقة، يتم فيها استغلال قانون الموازنة لتحقيق مصالح احد أعضاء اللجنة المالية في البرلمان، وهو مثنى السامرائي".
ويوم أمس السبت، أعلن مسؤول ملف النزاهة والادعاء العام في الهيئة السياسية للتيار الصدري، جواد الشهيلي، إقامة دعوى قضائية ضد كل وزراء التربية من عام 2010 ولحد الآن.
وقال الشهيلي في بيان حصل "المحايد" على نسخة منه: "استنادًا إلى توجيهات سماحة السيد مقتدى الصدر، وتماشيًا مع المشروع الإصلاحي لسماحته، تابعنا مع مسؤولي وزارة التربية أسباب تأخر تجهيز الطلبة بالكتب المدرسية".
وأضاف، أن "هناك مشكلة حقيقية في وزارة التربية ألا وهي استحواذ شركة واحدة على كل مقدرات الوزارة وأبنائنا الطلبة منذ عام 2010 ولحد الآن كشريك وطني لتجهيز المستلزمات التربوية".
وتابع الشهيلي: "ويقع على عاتقنا كنزاهة وادعاء عام في الهيئة السياسية للتيار الصدري متابعة هذا الملف الخطير والمباشرة بإقامة دعوى قضائية ضد كل وزراء التربية من عام 2010 ولغاية الوزير الحالي".
وأكد الشهيلي "أهمية التحقيق في المغالات الواضحة في أسعار طباعة الكتب والمستلزمات الدراسية والوقوف على أسباب تجاوز القوانين والإحالة بالمباشر لهذه الشركة بل والتجديد لها قبل تسعة أشهر".
وأوضح قائلاً: "لا يوجد أدنى شك بأن هنالك مؤشرات فساد تحوم حول هذا الملف وهي بحاجة إلى تحرك قضائي للكشف عن المسبب الرئيسي بالهدر في المال العام والحاق الضرر بابنائنا الطلبة".
ويُتّهم السامرائي بعدد من ملفات الفساد، ففي العام الماضي، طلب الادعاء العام من مجلس النواب الموافقة على رفع الحصانة عن مثنى السامرائي على خلفية اعترافات أدلت بها وزيرة التربية السابقة، ويأتي الطلب بعد أكثر من عام على افتضاح فساد عقد التأمين الصحي الذي أبرمته وزارة التربية مع شركة مملوكة للنائب مثنى السامرائي.