المحايد/ تقارير
لم يمضي أقل من اسبوع على شروع ريان خالد بفتح محل بيع المشروبات الكحولية في المنتجع السياحي في محافظة بابل العراقية، حتى تعرض لشتى أنواع التهديد من قبل جهات حكومية ومسلحين، ليضطر إلى مغادرة المحافظة.
ويواجه اتباع الأقليات المختلفة في العراق، صعوبة بالغة في ممارسة حرياتهم وفتح ما يناسبهم من محال بيع الخمور في مختلف المحافظات رغم حصولهم على اجازات رسمية حكومية، تتيح لهم ذلك، ويعود ذلك بسبب وجود جهات مسلحة تريد فرض سياستها الدينية والمجتمعية على أي منطقة تتواجد فيها، وفقاً لمسؤولين محليين.
"أنا ايزيدي ولدي اجازة رسمية من صادرة من هيئة السياحة التابعة لوزارة الثقافة، هذه الإجازة تسمح لي بفتح محال بيع الخمور، وفقاً لما تنص عليه القوانين والدستور العراقي من حق الأقليات بممارسة حرياتهم كما يريدون"، يضيف خالد.
وأشار "وصلت التهديدات حد التصفية، هناك جهات لا تريد تنوعاً في محافظة بابل رغم كونها مركزاً للتنوع الحضاري والثقافي في العراق والعالم منذ أول حضارة انسانية".
ويخشى ريان، من تعرض حياته وحياة عائلته للخطر، لذا قرر العودة إلى قضاء سنجار بمحافظة نينوى، مركز الايزيديين في العراق، مبيناً "حتى في بغداد إن لم نعطي الرشى والاتاوات ونسب من مبيعاتنا إلى عناصر حكومية وجهات مسلحة، فلا أحد سينقذنا من غضبهم".
وفي الأول من نوفمبر عام 2021، تداول مدونون عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، وثيقة صادرة من محافظة بابل تحمل توقيع معاون المحافظة تضمنت قراراً بمنع منح إجازات لمحلات بيع المشروبات الكحولية.
وجاء في الوثيقة الموجهة إلى قسم سياحة بابل التابعة لهيئة السياحة العراقية أنه "نظراً لاشتراط قانون هيئة السياحة رقم (14) لسنة 1996، بالمادة (9/ عاشراً) تنسيق هيئتكم مع الجهات ذات العلاقة التي حددتها المادة (5) من تعليمات القانون رقم (6) لسنة 2001، وهي: مجلس الشعب المحلي الملغى بقانون المحافظات غير المنتظمة بإقليم"، فإن المحافظة قررت "عدم منح أي إجازة تخص الموضوع أعلاه (فتح محلات بيع الخمور)".
وجاء هذا القرار بعد أيام من افتتاح محال لبيع المشروبات الكحولية قرب المنتجع السياحي بمحافظة بابل، فيما توافد عدد من سكان المحافظة واقامواً صلاة جماعية قرب المحال رافعين شعارات تطالب بمنع "أي مظهر من مظاهر بين الخمور في المحافظة".
"قدرنا الاضطهاد"
يقول قادر سام (43 عاماً)، وهو ناشط صابئي من سكنة بغداد، "يضمن الدستور العراقي حقوق الاقليات الدينية، لكن كل الفقرات الخاصة بهذا الأمر بقيت حبر على ورق".
ويتابع "بيوتنا صودرت وأموالنا سرقت، وتعرضنا لشتى أنواع القتل والاختطاف والتهديد والابتزاز من قبل الجماعات المسلحة منذ العام 2003، ولم يبق من الاقليات سوى القليل جداً، واذا بقي الوضع كما هو عليه، فإن العراق سيبقى لمن يريده لون واحد فقط".
وعن حق "فتح محلات بيع الخمور"، يقول سام "الأمر معقد جداً، فالمسألة تحتاج إلى دفع رشى كبيرة لدوائر الأمانة والبلديات وهيئة السياحة، وبعدها يأتي دفع الرشاوى لمن يسيطر على المنطقة أمنياً وحتى سياسياً، وهناك من يضطر إلى فعل كل ذلك من أجل توسعة عمله، كما يجري مع أصحاب محلات بيع الخمور من الاقليات الدينية في مناطق الكرادة والسعدون وبالتاوين وسط العاصمة بغداد".
"نعرف جيداً، أنا قدرنا هو الاضطهاد، فما يحدث لنا عاشته الأقليات الدينية والعرقية في العراق منذ مئات السنين، وسيبقى الحال كما هو عليه، وإن لم يكن هناك قراراً مجتمعياً بتقبل الاقليات الدينية وفسح المجال لهم لممارسة طقوسهم وحرياتهم، فإن بغداد ستغدو خالية مما يميزها عن بقية المدن، الا وهو التنوع الديني والقومي"، هكذا يختتم حديثه الناشط بمجال حقوق الانسان قادر سام.
وباستمرار تتعرض محال بيع الخمور وأصحابها، إلى استهدافات بالعبوات الصوتية والناسفة والقنابل والإطلاقات النارية وسط مسمع ومرأى من الجميع، وعادة ما تكون هناك قوة أمنية تقف على بعد أمتار دون أن تحرك ساكناً تجاههم.
وأكد مصدر أن "وزارة الداخلية لم تشرع بأي عمليات لملاحقة المجاميع المسلحة التي تستهدف محال بيع الخمور، ولم يصدر أي بيان رسمي بهذا الخصوص".
وبين أنه "وبعد كل سلسلة استهدافات تكتفي الأجهزة الأمنية بتطويق مكان الحادث وتقييم الأضرار وفتح تحقيق وتدوين الإفادات، دون أي تحرك جدي
ويتابع المصدر أن "الجماعات المسلحة تقف ضد أي مرونة في عمل أصحاب مشاريع بيع المشروبات الكحولية، فهم يريدون إبقاء هيمنتهم المطلقة على النوادي الليلية والقاعات والحفلات، لذلك فإن أي شخص لا يستجيب لأوامرهم فإن أول شيء يفعلونه هو تفجير مقر عمله".
ويشير المصدر الذي رفض ذكر هويته "حتى الحفلات الليلة في فنادق بغداد لا يمكن لها ان تستمر إذا لم يدفع جزء من ريعها المالي لجهة مسلحة تفرض نفوذها على الفنادق، وهذا أمر يعرفه الزبائن قبل أصحاب الفنادق والمستثمرين".