المحايد/ ملفات
شهدت مدينة أربيل عاصمة إقليم كردستان العراق منتصف ليلة الأحد الماضية ساعات من القلق والخوف، إثر تعرض المدينة لهجوم صاروخي مكثف، كان يستهدف المجمع الجديد للقنصلية الأميركية شمال المدينة، لكنه لم يصب الهدف وسقط في المناطق المحيطة بالمجمع مخلفا إصابة مدنيين اثنين واضرار مادية.
وكشف جهاز مكافحة الإرهاب في كردستان، في بيان له عقب الهجوم، أنه "في تمام الساعة 1 صباحا، استُهدفت القنصلية الأميركية في أربيل بـ12 صاروخا بالستيا، دون أن تكون هناك أضرار كبيرة"، مشيرا إلى أن الصواريخ أطلقت من خارج حدود العراق وإقليم كردستان ومن الشرق بالإشارة إلى إيران.
وسقطت الصواريخ قرب مجمع القنصلية وفي القرى والمزارع المحيطة به وألحقت أضرارا مادية بمنازل المدنيين وسياراتهم، فيما شعر سكان المناطق الأخرى من المدينة بالانفجارات المتتالية لشدتها وقوة أصواتها.
وأعلنت دائرة العلاقات العامة في الحرس الثوري الإيراني، في بيان لها الأحد، تبني الهجوم الصاروخي الذي استهدف مدينة أربيل، قائلة إن "الحرس الثوري [استهدف] بصواريخ قوية الليلة الماضية مركزا استراتيجيا للصهيونية"، ومحذرة من أن "تكرار أي شر سيواجه ردود فعل قاسية وحاسمة ومدمرة".
وقال المواطن بشدار صادق الذي يسكن في ناحية ملا ئومر القريبة من مجمع القنصلية الأميركية كنت خارج البيت، وفجأة شاهدت كتلا من النيران تسقط في المزارع القريبة منا. الانفجارات كانت شديدة جدا، رغم أنه لم تكن هناك إصابات بشرية لكن العديد من البيوت تضررت وكسرت أبوابها وزجاج نوافذها من شدة الانفجارات".
ويعتبر الهجوم الصاروخي، الذي تعرضت له أربيل منتصف ليلة الماضية، التاسع من نوعه الذي تتعرض له المدينة منذ عام 2020، والثالث من نوعه الذي ينطلق من الأراضي الإيرانية، حيث شهدت المدينة خلال السنوات الماضية هجمات صاروخية وأخرى بطائرات مسيرة مفخخة استهدفت مطار أربيل الدولي ومناطق سكنية وأماكن تواجد القوات الأميركية والتحالف الدولي والقنصلية الأميركية في المدينة.
وأشارت المعلومات بعد كل هجوم خلال الأشهر الماضية إلى وقوف المليشيات العراقية الموالية لإيران خلفه. ورغم أن هذه المليشيات لا تعلن مسؤوليتها عن تنفيذ هذه الهجمات، إلا أنها وعبر الصفحات الرسمية التابعة لها على شبكات التواصل الاجتماعي تعلن دعمها لها.
وحملت جميع الهجمات السابقة بصمات إيرانية، فالصواريخ والطائرات التي استخدمت فيها وبحسب مصادر أمنية مصنوعة في إيران وهي من ضمن الأسلحة التي زودت بها إيران مليشياتها في العراق والشرق الاوسط.
وأشارت وسائل إعلام إيرانية مقربة من الحرس الثوري وفيلق القدس الإيراني إلى أن هجمات ليلة أمس "جاءت ردا على مقتل ضابطين من الحرس الثوري في غارة إسرائيلية داخل الأراضي السورية الأسبوع الماضي".
لكن محافظ أربيل، أميد خوشناو، نفى في مؤتمر صحفي عقده الأحد وجود أي مقرات للإسرائيليين في كردستان. وأضاف خوشناو: "الصواريخ أطلقت من خارج الحدود العراقية وكانت تستهدف مجمع القنصلية الأمركية، لكنها لم تصب أهدافها وسقطت في المناطق السكنية التي تقع قرب المجمع، وأسفرت عن إصابة مدنيين اثنين بجروح طفيفة"، مشيرا "الحديث عن تواجد قواعد للإسرائيليين في كردستان لا أساس له".
وأعربت كاژين آزاد، وهي مواطنة من أربيل، عن مخاوفها من تكرار مثل هذه الهجمات على أربيل والإقليم مستقبلا، مضيفة: "عشنا فترة من الخوف في ظل تساقط الصواريخ فوق رؤوسنا. نحن متخوفون من تكرار الهجمات الصاروخية من قبل إيران وميلشياتها على كردستان دون وجود رادع دولي أو أي رد من قبل الحكومة العراقية على هذه الهجمات".
من جهته، يقول الناشط شاخوان الصالحي "نحن في أربيل وكردستان لن نخاف الهجمات الإرهابية، لأن أربيل تتعرض منذ سنوات لهذه الهجمات والتهديديات من قبل دول الجوار. استقرارنا لن يتزعزع بهذه الهجمات، نحن صامدون ولن نرضخ أبدا لهذا الأطراف التي تسعى إلى تدميرنا".
وأكد رئيس حكومة إقليم كردستان مسرور بارزاني في بيان عقب الهجوم أن "أربيل لن تنحني للجبناء..أستنكر بشدة الهجوم الإرهابي الذي وقع على بعض الأماكن في أربيل"، داعيا مواطني المدينة الى الصبر والالتزام بتعليمات القوات الأمنية.
ويرجح الخبير الاستراتيجي والأمني العراقي علاء النشوع أن تكون الصواريخ الإيرانية التي استهدفت أربيل من نوع "زلزال3"، الذي يبلغ مداه 250 كم وطوله 9 أمتار، ويعمل بالوقود الصلب ويحمل راسا حربيا يزن 600 كغم، مبينا أن طائرات مسيرة إيرانية كانت ترافق الصواريخ لغرض التصوير والمراقبة والتوجيه.
ويرى النشوع أن القصف الإيراني لأربيل وجه رسالتين الاولى داخلية والثانية خارجية، موضحا "الرسالة الأولى كانت ردا على موقف الكرد من الإطار التنسيقي الموالي لإيران في العراق، والثانية رد على الضربة الإسرائيلية للحرس الثوري قرب مطار دمشق الأسبوع الماضي".