المحايد/ ملفات
عاود القصف الأمريكي لمقرات الفصائل المسلحة المرتبطة بإيران، بعد ما شنّت طائرات أمريكية في وقت متأخر من يوم أمس، غارات جوية استهدفت منشآت للفصائل، بتوجيه من الرئيس الأمريكي الجديد، جو بايدن، لتنفيذ العملية، عقب أيام من استمرار عمليات القصف الصاروخي، التي طالت مقرات في العراق، تتواجد بها القوات الأمريكية.
المتحدث باسم البنتاغون جون كيربي قال في بيان، إنه "بتوجيه من الرئيس بايدن، شنَّت القوات العسكرية الأميركية في وقت سابق هذا المساء غارات جوية دفاعية دقيقة ضد منشآت تستخدمها ميليشيات مدعومة من إيران في منطقة الحدود العراقية السورية"، مشيراً إلى أن "الضربات تأتي في أعقاب هجمات جماعات مدعومة من إيران، تستهدف المصالح الأميركية في العراق".
وآخر عملية نفذتها الفصائل، كانت ليل الجمعة الماضي، وقبل يوم من استعراض الحشد الشعبي في محافظة ديالى، بعد ما قصفت 3 طائرات مسيرة قرية براغ في أربيل، التي تبعد 3 كيلومترات فقط عن موقع القنصلية الأمريكية بمركز إقليم كردستان، مع حدوث هجومين مشابهين قرب منطقة كومسبان التابعة لأربيل.
وأضاف كيربي: "بالنظر إلى سلسلة الهجمات المستمرة التي تشنها جماعات مدعومة من إيران والتي تستهدف المصالح الأميركية في العراق، وجّه الرئيس بمزيد من العمل العسكري لتعطيل وردع هجمات كهذه".
وفسّر بعض المراقبين للشأن الأمني والسياسي في العراق، أن "الحرب قد بدأت في البلاد التي حاولت دفع القتال عن أراضيها بشتّى الطرق لكنها لم تستطع، بسبب استمرار عمليات القصف بالكاتيوشا والطائرات المسيرة على المواقع التي تتواجد بها القوات الأمريكية".
وتابع المتحدث باسم البنتاغون: "تم اختيار هذه الأهداف لأن هذه المنشآت تستخدمها ميليشيات مدعومة من إيران تشارك في هجمات بطائرات بلا طيار ضد أفراد ومنشآت أميركية في العراق".
وبعد القصف الأمريكي، خرجت الحكومة في بيان رسمي عبر لسان الناطق باسم القائد العام، حين قال اللواء يحيى رسول: "ندين الهجوم الجوي الامريكي الذي استهدف ليلة امس موقعاً على الحدود العراقية السورية وبما يمثل انتهاكا سافرا ومرفوضاً للسيادة العراقية وللأمن الوطني العراقي وفق جميع المواثيق الدولية".
رسول أشار إلى أن "العراق يجدد رفضه بأن يكون ساحة لتصفية الحسابات ويتمسك بحقه في السيادة على اراضيه ومنع استخدامها كساحة لردود الفعل والاعتداءات"، مضيفاً: "ندعو إلى التهدئة وتجنب التصعيد بكل أشكاله، مؤكدين أن العراق سيقوم بالتحقيقات والإجراءات والاتصالات اللازمة على مختلف المستويات لمنع حصول مثل هكذا انتهاكات".
وأوضح مصدر مقرب من الحكومة لـ "المحايد"، أن "حكومة الكاظمي بدأت تميل بشكل أوسع إلى الفصائل المسلحة، خصوصاً بعد الاستعراض الذي شهد تلاحماً بين أبو فدك رئيس أركان هيئة الحشد الشعبي، والكاظمي، وبعض قيادات الحشد".
وأشار إلى أن "عملية القصف الجوي الأمريكي، أدانتها الحكومة بشدة، وقد تبدأ من جديد مشاورات مع قيادات الفصائل الموالية لإيران، لمنع شنّ الهجمات على المواقع التي تتواجد بها القوات الأمريكية، لكي لا ترد الأخيرة بعمليات قصف مماثلة تسفر عن وقوع ضحايا".
وأوقع الهجوم الأمريكي، أربعة قتلى من قوات الحشد الشعبي المتواجدة في الحدود العراقية السورية، حسب ما أشار إعلام الفصائل المسلحة، إلى أن الضحايا الأربع كانوا ضمن كتائب "سيد الشهداء".
وتنتشر كتائب "سيد الشهداء" التي تأسست سنة 2013 بهدف "الدفاع عن الأضرحة الدينية في سورية"، في عدة مناطق بسورية، وتحديداً ريف دمشق والبوكمال وقرب التنف. أما عراقياً، فتوجد في سهل نينوى بمحافظة نينوى، وفي القائم بمحافظة الأنبار، إضافة إلى بغداد، ويقدَّر عدد عناصرها بنحو أربعة آلاف مسلح بزعامة أبو آلاء الولائي الذي عاد إلى العراق من إيران عقب الغزو الأميركي للبلاد.
وتوجَّه إليها اتهامات بالتورط في ملاحقة وتصفية ناشطين مدنيين عراقيين بالحراك الشعبي المطالب بالإصلاحات، وفي مطلع مارس/ آذار الماضي، وجهت حكومة إقليم كردستان العراق اتهامات رسمية إلى مليشيا "كتائب سيد الشهداء"، بتنفيذ الاعتداء الصاروخي الذي استهدف مطار أربيل وقاعدة حرير المجاورة له، حيث توجد قوات أميركية.
وأدى الاعتداء إلى مقتل وإصابة 11 شخصاً، بينهم متعاقدون أجانب، فضلاً عن خسائر مادية واسعة، لكن الحكومة العراقية برئاسة مصطفى الكاظمي لم تتخذ أي إجراء حيال التحقيقات التي قدمتها أربيل واعترافات أحد أعضاء المليشيا الذي ألقي القبض عليه.
والهجوم، فجر اليوم الاثنين، هو الثاني الذي يستهدف المليشيا منذ تسلّم إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن مقاليد الحكم في البيت الأبيض، إذ استهدفت غارات مماثلة موقع مشتركة لمليشيات "كتائب سيد الشهداء"، و"كتائب حزب الله" في بلدة البوكمال على الحدود مع العراق، نهاية فبراير/ شباط الماضي.
ووفقاً لمصادر مقربة من "سيد الشهداء" أبلغت "المحايد"، أن "الهجوم نُفِّذ داخل الأراضي السورية، بعمق يبلغ نحو 8 كيلو مترات حيث توجد المليشيا في منطقة تدعى الهري، إلى جانب مليشيات أخرى، أغلبها عراقي"، مؤكدة أن " قيادات مسلحة في الحشد الشعبي، وصلت إلى المنطقة لمعاينة مكان الهجوم".
وبعد عملية القصف الأمريكي، أصدرت هيئة الحشد بياناً قالت فيه، إن "هذا الاعتداء أسفر عن ارتقاء 4 شهداء كانوا يؤدون واجبهم الاعتيادي لمنع تسلل عناصر داعش الإرهابي من سوريا إلى العراق ضمن الواجب الرسمي لقوات الحشد الشعبي تحت قيادة العمليات المشتركة وغير منخرطين بأي نشاط ضد التواجد الأجنبي في العراق والذي سبق لهيئة الحشد الشعبي ان أوضحت موقفها منه مرارا وتكرارا".
وأضاف البيان: "نود التأكيد هنا على ان نقاط الحشد الشعبي التي تعرضت للقصف لا تضم أية مخازن أو ما شابه خلافا للادعاءات الأميركية التي سردتها من اجل تبرير جريمة استهداف مقاتلي الحشد الشعبي".
وتابع البيان: "نشدد على ان هذا الاعتداء يأتي في إطار إضعاف العراق وقواته الأمنية والحشد الشعبي الذين شهدت لهم أميركا وبقية دول العالم بدحر الإرهاب وإبعاد خطره وشروره عن كل العالم، كما ويصب في صالح تقوية الجماعات الإرهابية، كما أنه يمثل استهدافا لسيادة العراق خصوصا انه يتزامن مع النجاحات الكبيرة التي تمثلت بالاستعراض الكبير للحشد الشعبي لمناسبة تأسيسه الذي رعاه القائد العام للقوات المسلحة وانعقاد القمة الثلاثية في العاصمة بغداد يوم أمس".
وتوعد بيان لما يعرف بـ"تنسيقية المقاومة العراقية"، التي تضم عدة فصائل مسلحة، بالرد على الهجوم، مهددة في بيان نشرته منصات تابعة للفصائل المسلحة على تطبيق "تلغرام"، بالرد على الهجوم.
وأوضح بعض المراقبين، أن "التصعيد بدأ يرتفع، تزامناً مع وصول إبراهيم رئيسي إلى رئاسة الحكم الإيراني، والذي هو معروف بتشدده حين انتقد روحاني قائلاً إنه يتواصل مع الأعداء، لتبدأ الهجمات بالمسيرات والصواريخ تستهدف الأماكن التي تتواجد بها القوات الأمريكية".
وأشار إلى أن "عملية القصف الأخيرة قد لا تكون الأخيرة، خصوصاً بعد توجيه بايدن ببذل المزيد من العمل العسكري لردع القصف الذي يطال مواقع القوات الأمريكية"، مبيناً أن "الحل الوحيد لمنع الحرب قد يتمثل بإخراج كافة القوات الأجنبية، من دون بقاء مستشارين أو ما شابه، لأن الفصائل تستمر بقصف المقرات التي تتواجد بها القوات الأمريكية، طالما الاتفاق النووي الإيراني لم يصل إلى نتيجة، وبالتالي قد تبدأ الحرب من جديد".