المحايد/ بغداد
للسنة الثالثة على التوالي يشهد العراق سنة مائية شحيحة، نتيجة انعدام الامطار وقلة الإيرادات المائية، مما حدا بمختصين في ملف المياه، بدق ناقوس الخطر من حدوث جفاف وانتشار آفة التصحر.
وسبق أن حذرت الحكومة المركزية من أن يكون الوضع الراهن هو الأخطر على العراق مائيا.
وقطعت إيران طوال الشهور الماضية معظم مياه الأنهار المتدفقة من أراضيها نحو العراق، الأمر الذي تسبب بجفاف شديد في معظم مناطق شرقي البلاد.
وجاء قرار طهران، رغم أن قرابة 40 نهرا متدفقا من إيران نحو العراق، هي أنهار دولية عابرة للحدود، وثمة اتفاقيات دولية تنظم حقوق الدول المشتركة في تلك الأنهار.
كما تراجعت كميات الماء المتدفقة من نهري دجلة والفرات، والمئات من فروعهما المتدفقة من تركيا، على مدار الأشهر الماضية، وهو ما دق ناقوس الخطر تجاه المخاطر التي تواجهها الزراعة، واحتياجات مياه الشرب.
ويرى المتحدث باسم وزارة الموارد المائية، علي راضي أن "المعطيات تشير إلى أن هذه السنة شحيحة، وكل الإيرادات المائية التي ترد إلى سدودنا وخزاناتنا غير كافية لتغطية حاجاتنا، لذلك نضطر إلى إطلاق الخزين المتوفر في سدودنا وخزاناتنا، لكي نلبي الاحتياجات وفق هذه الخطة".
وأضاف راضي أن "الوزارة ستلتزم بالإطلاقات المائية لتغطية الحاجة حسب الخطة الزراعية، إضافة إلى الإطلاقات المائية لتأمين الاحتياجات الأخرى، منها محطات الإسالة (مياه الشرب)، والأهوار، ولسان ملح البصرة، فضلا عن الاستخدامات الصحية والكهرومائية".
ووفق أرقام رسمية فإن التصحر بات يجتاح 39 بالمئة من الأراضي العراقية، كما تهدد زيادة ملوحة التربة القطاعَ الزراعي في 54 بالمئة من الأراضي المزروعة.
إضافة إلى ذلك، فإن موسم الأمطار في العراق لعام 2020-2021 هو الأكثر جفافا خلال 40 عاماً مضت، مما تسبب في نقص حاد لتدفق المياه في نهري دجلة والفرات بلغت نسبته 29 بالمئة و73 بالمئة على الترتيب.
وأطلقت الحكومة العراقية، خلال الفترة الماضية، حراكا دبلوماسيا واسعا، مع أنقرة وطهران، بشأن إنهاء الأزمة المائية، حيث تم الاتفاق على دخول مذكرة التفاهم الموقعة عام 2009، حيز التنفيذ، وأهم بنودها إعطاء حصة عادلة للعراق من المياه.
كما شارك العراق في مؤتمر المياه الذي أقيم مؤخرا في القاهرة، وتمخض عن تفاهمات وتعهدات من تركيا، فضلا عن الاستعداد لإجراء تفاهمات مماثلة مع مسؤولي الموارد المائية الإيرانيين.
وأكد المتحدث باسم الموارد المائية، أن "هنالك تأييداً كبيراً لموقف العراق من قبل المشاركين في المؤتمر، وحرص الحكومة العراقية على مواجهة أزمة المياه من خلال الورقة الخضراء، حيث يعتبر هذا المؤتمر وسيلة لإيصال رسالة الى العالم بأهمية تعاون الجميع ومساعدة ودعم العراق في مواجهة أزمة المياه والتغييرات المناخية".
وأدى توالي مواسم الجفاف إلى تقلص الأراضي الصالحة للاستثمار الزراعي في العراق، نظرا لزيادة ملوحتها، وهو أمر يشكل خطرا محدقا بالأمن الغذائي.
وتصاعدت حدة التحذيرات من المرحلة المقبلة، في ظل التناقص الرهيب في المياه، ما قد يدخل العراق في الدائرة الحمراء.
بدوره، يقول الخبير المائي تحسين الموسوي: "شهدت السنة المائية الحالية جفافا للموسم الثالث على التوالي نتيجة شحة الامطار التي لم تتجاوز نسبتها الـ160 ملم".
وأضاف ان "المياه المتواجدة في الخزانات كانت نتيجة ذوبان الثلوج ودول الجوار"، لافتا الى أن "آفة التصحر بدأت تشكل خطورة على البلد بصورة عامة".
واشار الموسوي الى، ان "الخزين المائي المتوفر حاليا لا يتجاوز 20 مليار متر مكعب"، مستدركا "في هذه الحالة لا يمكن توفير سوى مياه الشرب في الصيف المقبل".
ومضى الخبير المائي بالقول الى، أن "التغيير المناخي الذي طرأ على الكرة الأرضية تسبب بالكثير من المشكلات".
وبين، ان "استخدامات العراق اغلبها غير صحيحة وتسببت بهدر كميات كبيرة من المياه وخسارة نحو 50% من الخطة الزراعية".
وحذر الموسوي من "اتساع آفة التصحر"، مبينا أن "العراق مر بظروف صعبة بسبب شح الأمطار والاحتباس الحراري وكذلك قلة مستحقات العراق المائية التي تأتي من تركيا، وكل هذا ساهم في تصحر العديد من المناطق الزراعية".
ودعا الخبير المائي الى "استخدام سياسة حديثة واتباع وسائل ري متطورة لتقليل الهدر من المياه إضافة الى استخدام الحبوب التي تتحمل الملوحة وزراعة أشجار تتحمل نسب عطش عالية".
ورأى الموسوي، ان "تفاقم ازمة الجفاف والتصحر جاء نتيجة تعامل العراق مع حلول السماء".