المحايد/ بغداد
الأنبار، المحافظة التي شهدت نهضةً عمرانيةً متطورة سريعة، بعد ما نفضت تراب الحرب عنها، وما خلفته عصابات داعش الإرهابية فيها، لتكون موضع اهتمام صحفٍ دولية أشادت بما حصل في المحافظة خلال هذه السنوات من إعمار متواصل.
وعلى ما يبدو، لم يكُ يرضي هذا الإعمار مَن يسميهم أبناء المحافظة، بـ "الجهات المشبوهة"، حتى أقدمت الأخيرة على التدخل بأوامر القضاء، ومحاولة إعلاء صوت سلاحها على صوت السلطة الأعلى في البلد.
وما حصل، هو صدور مذكرة قبض قضائية بحق عبد الجبار أبو ريشة، عم سطام أبو ريشة، الذي كان يدعو المستقلين إلى مقاطعة جلسات البرلمان لتعطيل جلسة انتخاب رئيس الجمهورية.
مذكرة القبض كانت صادرة من القضاء، لكن جهة مسلحة تسمى كتائب "حزب الله"، سارعت إلى إرسال عناصر مسلحة تحيط بمنزل أبو ريشة لمنع تنفيذ أمر القبض، الأمر الذي رفضه أغلب قادة العشائر في الأنبار.
وبعد هذه الحادثة، غرد ما يسمى المسؤول الأمني لكتائب حزب الله، أبو علي العسكري، على خلفية محاولة إلقاء القبض على سطام أبو ريشة وقال إن "من يحاول الاعتداء على الشيخ سطام كأنه يعتدي على جميع الأحرار في العراق".
وأضاف أن "كتائب حزب الله ستقف مع من يشكو ظلم (البهلوان) وأعوانه، وستدعم المظلومين وتوصلهم إلى الدوائر القضائية المختصة بمساعدة مقر ممثلية كتائب حزب الله في الرمادي ومقارنا الأخرى بالحبانية والقائم".
وترى صحيفة الشرق الأوسط، التي تصدر في لندن، أن ما سمتها بـ "ميليشيا كتائب حزب الله، تمتعت بنفوذ استثنائي في محافظة الأنبار في السنوات الأخيرة لم يكن متاحاً لها قبل صعود «داعش» وسيطرته على معظم مناطق المحافظة بعد يونيو (حزيران) 2014".
وبعد ذلك، توعّد رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي، مساء الجمعة، بملاحقة «المجرمين والقتلة» محلياً ودولياً.
وقال الحلبوسي، في تغريدة: "سنبقى نلاحق المجرمين والقتلة الذين غيبوا الأبرياء في الرزازة والصقلاوية وجرف الصخر، ثم عادوا ليكرروا إجرامهم بتغييب وقتل الشباب المتظاهر الباحث عن الدولة والعدالة".
وبعد موقفه، وقفت مع رئيس البرلمان محمد الحلبوسي معظم القوى السياسية والشعبية النافذة في محافظة الأنبار.
وهاجم خميس الخنجر، رئيس تحالف "السيادة" الذي ينتمي إليه الحلبوسي، ما وصفها بـ"المجاميع الميليشياوية"، ودعا إلى الاحتكام للقانون.
وكتب الخنجر، في تغريدة عبر تويتر: "أهلنا في الأنبار قدموا أروع البطولات في التحرير والإعمار، وضحوا بدمائهم الطاهرة في سبيل طرد الإرهاب وفلوله، ولن نقبل أن تعبث بأمنها مجاميع ميليشياوية".
وأضاف: "يجب أن نحتكم إلى القانون لا إلى سلاح وفوضى لن تبني البلد ولن تحفظ سيادته، وعلى قواتنا ومؤسساتنا الرسمية أن تردع العابثين بكل حزم".
عقب ذلك، أصدر مجلس شيوخ ووجهاء الأنبار بياناً حذر فيه من قيام "جهات منفلتة" بحماية الخارجين عن القانون داخل المحافظة.
وأعلن المجلس، في بيان، "رفضه القاطع للتدخلات المشبوهة التي ظاهرها الدفاع عن بعض المطلوبين للقضاء وباطنها إثارة الفتن وإعادة الإرهاب بثوب آخر".
وطالب المجلس بـ"التدخل العاجل من قبل الجيش والقوات الأمنية لإغلاق المحافظة بوجه المجاميع المنفلتة التي تعمل خارج السلوك الرسمي وفوق القانون".
وصدرت أيضاً مواقف رافضة من طيف واسع من شخصيات ونواب عن محافظة الأنبار ضد التحركات العسكرية والبيانات التي تصدر عن "كتائب حزب الله" ضد الحلبوسي والمؤسسات الأمنية والقضائية في المحافظة.