المحايد/ سياسي
في ظل استمرار أزمة الانسداد السياسي التي يشهدها العراق بعد إعلان نتائج انتخابات تشرين، والتباعد بين التيار الصدري وقوى الإطار التنسيقي، تواصل إيران تدخلاتها في الشؤن العراقية وتأثيرها على المشهد، بمواجهة الصمت الأميركي وفتور تدخلاتها بالشأن السياسي.
وخلافاً لما شهده العراق بعد عام 2003، والذي كانت فيه الولايات المتحدة هي الماسك الأقوى لعصا المشهد السياسي في بغداد، إلا أن واشنطن تمر الآن بمرحلة المراقب البعيد للشأن العراقي، وسط غياب الدور الأميركي تجاه ما يشهده العراق من أزمة سياسية.
هناك أسباب عديدة لغياب الدور الأميركي، بخلاف أزمات تشكيل حكومات 2010، و2014، و2018، والتي لعب فيها مسؤولون أميركيون، أبرزهم منسق شؤون الشرق الأوسط بريت ماكغورك، دوراً فاعلاً، ولا سيما في آخر تلك الأزمات.
وحصل موقع "المحايد" على معلومات تفيد بأن "تقدير موقف واشنطن للمشهد العراقي الحالي دفعها إلى اتخاذ قرار بعدم التدخّل في الأزمة الحالية، على الرغم من أهمية تشكيل حكومة عراقية مختلفة عن الحكومات السابقة بالنسبة للولايات المتحدة".
وتشير المعلومات إلى أن "التدخل الأميركي في هذه الأزمة، قد يكون ما تنتظره الآن قوى تحالف الإطار التنسيقي، في صراعها السياسي مع التيار الصدري على تشكيل الحكومة، خصوصاً مع نجاح زعيم التيار مقتدى الصدر في مواجهة الضغوط الإيرانية لغاية الآن، إذ سيفهم أن الطرف الذي تدعمه واشنطن هو الصدر وحلفاؤه".
وتدخل أزمة تشكيل الحكومة العراقية الجديدة بنسختها الثامنة منذ الغزو الأميركي للبلاد عام 2003، في منعطف حرج، بعد تعثر ست مبادرات سياسية داخلية، وعدة وساطات قادتها قيادات إيرانية مختلفة طوال الأشهر الماضية بين بغداد والنجف وأربيل، لتقريب المسافة بين الصدر، الذي حصل على المرتبة الأولى في الانتخابات بفارق كبير عن أقرب منافسيه، وتحالف "الإطار التنسيقي" المدعوم من طهران.
ويصرّ الصدر وحلفاؤه في تحالف "إنقاذ وطن" على تشكيل حكومة أغلبية وطنية، في وقت ترفض فيه قوى الإطار التنسيقي ذلك، وتسعى لتكرار نسخ الحكومات السابقة التي تشكّلت وفق مبدأ التوافق السياسي القائم على المحاصصة الطائفية والحزبية.
وفي الثاني من إبريل/نيسان الحالي، اتهم زعيم تحالف "الفتح" هادي العامري، بريطانيا بأنها تتدخل في الأزمة السياسية الحالية، التي يشهدها العراق منذ أشهر.
وقال في بيان عقب لقاء جمعه مع سفير بريطانيا في بغداد، مارك باريسون ريتشاردسون، إن "العملية السياسية منذ 2003 إلى اليوم، بُنيت على ثلاثة مرتكزات رئيسية هي الاتفاق والشراكة والتوازن، ولدينا معلومات من جهات مخابراتية أجنبية تؤكد تدخلكم المستمر في الوضع السياسي العراقي".
ويشهد العراق أزمة سياسية حادة منذ إعلان نتائج الانتخابات التي جرت قبل أكثر من أربعة أشهر، بدأت بالاعتراض ثم الاحتجاج على النتائج من قبل قوى وأنصار "الإطار التنسيقي"، ثم فوضى ومشادات خلال الجلسة الأولى للبرلمان الجديد، التي شهدت انتخاب رئيس البرلمان محمد الحلبوسي ونائبيه حاكم الزاملي وشاخوان عبد الله، في 9 يناير/كانون الثاني الماضي.
وأعقبت ذلك خلافات بشأن مرشح رئاسة الجمهورية، وسعي "الإطار التنسيقي" لتعطيل الجلسة المخصصة للتصويت على رئيس الجمهورية من خلال ما بات يعرف بـ"الثلث المعطل"، مستغلاً اشتراط الدستور حضور ثلثي أعضاء البرلمان لاكتمال نصاب جلسة انتخاب الرئيس العراقي.
ويلاحظ في الأزمة العراقية، ووسط هذا الانسداد، غياب الوساطة الأممية التي كانت متوقعة للتقريب بين الأطراف المتنافسة، إذ لم تكن لبعثة الأمم المتحدة في العراق، التي تترأسها جينين هينيس بلاسخارت، أي مبادرة للوساطة أو جمع القوى المتنافرة إلى طاولة حوار واحدة.