المحايد/ ملفات
لم يتبقَ سوى ثلاثة أشهر على انطلاق انتخابات تشرين البرلمانية في العراق، لتبدأ قبلها الظواهر المعروفة والتي انتشرت في سنوات الانتخابات السابقة، ومن أبرزها شراء أًصوات الناخبين بحفنة من الأموال، لكي يأخذون أصواتهم، ويصعدون بها إلى مجلس النواب.
وليس فقط ظاهرة شراء الأصوات الانتخابية تنطلق قبل الانتخابات، بل أساليب الدعاية الانتخابية الأخرى، والتي تتمثل بإطلاق مشروع تبليط، أو توزيع مواد غذائية على العوائل.
ويحتاج بعض المرشحين إلى قرابة 5000 صوت انتخابي للوصول إلى قبة البرلمان، في الدوائر الصغيرة، أما أسعار الأصوات الانتخابية المنتشرة، فقد يصل مجموع ما يمكن أن يدفعه المُرشح يتراوح حول نصف مليون دولار، وهو مبلغ أقل من تكاليف حملة انتخابية عادية يمكن لأي مرشح للانتخابات البرلمانية، حسب بعض المراقبين.
ويشير مصدر إلى أن "بقية المبلغ بعد يُسلم بعد إجراء الانتخاب، بعد ما تتأكد الجهة من أن عملية التصويت تمت كما هو متفق عليه، إما عبر التصوير بهاتف نقال داخل كابينة التصويت، أو بعد فتح الصناديق وإعلان أصوات مركز الاقتراع".
ويتراوح سعر البطاقة الانتخابية الواحدة بين 50 إلى 150 دولار، وهو مبلغ يبدو زهيداً بالمقارنة مع هذه العملية المطولة من الاتفاق والشراء والدفع على مرحلتين، لكن مصادر أكدت أن السماسرة يتقصدون التواصل مع "قادة الأسر"، كونهم يستطيعون تأمين ما بين 50 إلى 100 بطاقة انتخابية من أفراد عائلاتهم، مما يرفع من قيمة المبالغ التي يحصلون عليها.
وبحسب مصادر خاصة من داخل المفوضية للانتخابات وشهود عيان، فإن عمليات شراء بطاقات الناخبين أصبحت شائعة في الأيام الأخيرة، لكنها تجري سريّاً خوفاً من اكتشافها من اللجنة الأمنية العليا للانتخابات.
وقالت المصادر، طالبة عدم الكشف عن هويتها، في حديث لـ "المحايد"، إن "عشرات البلاغات من شخصيات وأحزاب سياسية ومواطنين ترد يومياً إلى المفوضية العليا للانتخابات، تكشف قيام بعض الكتل والأحزاب السياسية بشراء بطاقات الناخبين".
وأضافت، أن "هذه الظاهرة انتشرت في مناطق بالعاصمة العراقية بغداد، وبعض المناطق التي يحتاج مواطنوها إلى أموال لسد جوعهم وجوع أطفالهم".
وأشارت المصادر إلى أن "حالات عديدة تم رصدها لشراء الأصوات من قبل بعض الأحزاب السياسية، لا سيما الأحزاب والكتل الكبيرة من خلال استغلالهم للعائلات النازحة والفقيرة"، لافتة إلى أن "سعر البطاقة الواحدة يتراوح ما بين 50 إلى 150 دولار، ويختلف سعر البطاقة الواحدة من شخص لآخر".
وأوضحت أن "شراء الذمم والأصوات أتت بعد ما فقد أغلب النواب في البرلمان العراقي شعبيتهم وجمهورهم"، داعية الحكومة العراقية والأجهزة الأمنية إلى "ضرورة التحقيق بهذا الموضوع، والتعامل مع كل شبهات المخالفات الانتخابية بما يتوافق مع القانون".
وعن هذا الأمر، يقول أحد الناشطين المدنيين، إن "الأحزاب والشخصيات السياسية العراقية تستفيد من الظرف الاقتصادي الضاغط على المواطنين العراقيين، وذلك لشراء أصواتهم، فالمبالغ المطروحة توازي تكون نصف المدخول الشهري للمواطن العراقي".
وأضاف: "وفي حالة (قادة العائلات) فإنها يمكن أن تشكل مبلغاً مُعتبراً. خصوصاً أن هؤلاء القادة يتم وعدهم بمناصب إدارية أو مناقصات مستقبلية، مما يدفعهم للبحث عن مُدراء حملات شراء البطاقات".
ومجموع المبالغ التي يمكن توزيعها على مجموع المرشحين، يجعل من التكلفة العامة لكل مرشح زهيدة نسبياً، خصوصاً إذا كانت عمليات الشراء تكون لصالح قائمة انتخابية كاملة.
وأوضح خبير قانوني، أن "البطاقة الإلكترونية في العراق تُستعمل منذ عام 2014، وقد صرفت المفوضية العامة المستقلة للانتخابات العراقية ملايين الدولارات لاستقدامها واستعمالها خلال الانتخابات في البلاد، حتى تغلق إمكانية الفساد والتزوير، كون البطاقة تتضمن بصمة العيون واليد وصورة شخصية مطبوعة بإحكام".
واستدرك قائلا: "لكن المسألة ليست مواصفات البطاقة أو آلية عملها، بل في آلية هذه الشبكات لتكريس آليات لشراء الناخبين والتأكد من التزامهم بالتصويت، وهو أمر يجري بسهولة لأنه ثمة مناطق عراقية كاملة لحزب أو شخصية سياسية، لذلك فأن المراقبين يُستحال أن يتأكدوا مما جرى خارج الغرفة الانتخابية من اتفاقات".
المفوضية العُليا للانتخابات رفضت الاتهامات التي تطالها حول تقصيرها في هذا الملف، مؤكدة بأن دورها القانوني والإداري يكمن في التنظيم القانوي والإشرافي على العملية الانتخابية داخل المراكز وحسب آليات متبعة في مختلف مناطق العالم.
وتقول المفوضية، إن "الحكومة المركزية العراقية وأجهزتها الأمنية والشرطية يجب أن تلاحق مثل تلك الشبكات، وأن تطور أدوات مراقبتها ومستويات عقوباتها للمتورطين فيها".