المحايد/ سياسية
يحتدم النقاش باستمرار بين مختلف فئات المجتمع العراقي حول إمكانية تحقيق نتائج في الانتخابات المقبلة، لجزء يسير من تطلعاتهم نحو عيش أفضل، وكلما تصاعدت وتيرة أزمة ما، زادت حدة النقاش.
ومع استمرار فواجع حرائق المستشفيات، وتعرض مطار أربيل إلى هجوم صاروخي وطائرات مسيرة مفخخة، وتعرض قاعدة عين الأسد غربي البلاد إلى قصف صاروخي مستمر، وفي ظل تصاعد تهديدات الفصائل المسلحة للبعثات الدبلوماسية وتلويحها بالعمل ضد اللجان الدولية التي أوكلت إليها مهمة مراقبة الانتخابات، تبرز آراء عدة حول شكل الخارطة السياسية العراقية المقبلة.
ومنذ تحديد موعد الانتخابات المبكر في العاشر من شهر أكتوبر المقبل، تعلن المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، باستمرار استعداداتها لضمان نزاهة الانتخابات البرلمانية بإجراءات غير مسبوقة، لمنع تكرار سيناريو عام 2018 عندما تعرضت العملية الانتخابية إلى هزة كبيرة نتيجة التزوير الواسع الذي لحقها.
ووفقاً لبيان رسمي، قررت مفوضية الانتخابات "إجراء المصادقة لأصحاب البطاقة الإلكترونية قصيرة الأمد باستخدام بصمات الأصابع العشرة، فضلا عن سحب تلك البطاقات من الناخبين بعد انتهاء عملية التصويت، وذلك لمنع استخدام هذه البطاقات في الاقتراع مرة أخرى، وهو إجراء يحصل لأول مرة في العراق".
كما أعلنت المفوضية عن "تشكيل لجنة مركزية تتولى متابعة استعدادات المكاتب الانتخابية في المحافظات كافة لإجراء القرعة (خاصة بأرقام المرشحين) فضلا عن تشكيل لجان فرعية في المكاتب الانتخابية لتهيئة المستلزمات المطلوبة".
وفي جميع تصريحاتهم لوسائل الإعلام المختلفة، يؤكد المسؤولون والناطقون باسم مفوضية الانتخابات أن "هناك عمليات أمنية واسعة تجري في بغداد وبقية محافظات العراق لتأمين سير العملية الانتخابية، بمتابعة مباشرة من قبل اللجنة الأمنية العليا للانتخابات".
الأصابع أم الصواريخ؟
ومع قرب موعد الانتخابات، يزداد عدد الصواريخ التي تطلق على المطارات المدنية والقواعد العسكرية والسفارات، من منصات مخفية.
ويقول الناشط المدني سرمد منير (33 عاماً)، "كمتظاهرين ضد فساد الأحزاب السياسية المستولية على حكم البلاد منذ عام 2003، نخشى من هيمنة أكبر للأحزاب الولائية في الانتخابات المقبلة، إذا لم تنجح الدولة في حصر السلاح بيدها وحماية المراكز الانتخابية من عمليات التزوير والتهديد".
ويضيف منير في حديث، "اليوم وقبل ثلاثة أشهر من موعد الانتخابات المقرر، لم نرّ حتى الآن أي جدية حكومية في ملاحقة الميليشيات الخارجة عن القانون والتي قد تهدد نزاهة العملية الانتخابية، التي نراها مصيرية وحاسمة لشكل الدولة العراقية".
ويتابع "المال السياسي في كل مكان، واغتيال الناشطين مستمر، وابتزاز أصحاب الرأي من قبل المسلحين هو الأمر الغالب في العراق هذه الأيام، وهذه القضايا كلها قد تضرب نزاهة الانتخابات وتودي بنا إلى نفق مظلم جديد".
أما سهيل العنبكي (43 عاماً)، والذي أشرف على العديد من مجموعات النقاشات السياسية في (كلوب هاوس)، فيقول "تزداد حدة النقاش بين مختلف الفئات العمرية والشبابية حول مصير الانتخابات ومدى تحقيقها لتطلعات العراقيين إن تمت العملية الانتخابية بسلام وأمان".
ويضيف، "هناك الكثير من الآراء حول وجود ضغط صاروخي يمارس على القوى السياسية من الآن، لحصد المناصب والإبقاء على النفوذ وتوسيعه بعد ثلاثة أشهر من الآن، أي عندما تعلن نتائج الانتخابات، وكلما زاد عدد الصواريخ والطائرات المسيرة والعبوات الناسفة التي تستهدف القواعد والارتال العسكرية والمطارات، كلما ضعفت الدولة شيئاً فشيئاً".
ويتابع: "كما أن هناك جملة من الآراء مفادها، أن توافد العراقيين على صندوق الاقتراع وتحقيق ثورة بنفسجية ضد الاحزاب السياسية وتبديل الوجوه الحاكمة سيتحول إلى حلم صعب المنال، وسيكون لمطلقي الصواريخ الدور الأبرز في رسم الخارطة السياسية الجديدة".
ويرى العنبكي أنه "لن يتغير شيء إن لم تتحقق المراقبة الدولية الصارمة للعملية الانتخابية ولم يهرع العراقيون لإنقاذ ما تبقى من بلادهم عبر صناديق الاقتراع".
من جانبها، تقول ياسمين رأفت (23 عاماً) أنها ومع مجموعة من زميلاتها وزملائها في جامعة بغداد، "ينتظرون مزيداً من التطمينات الحكومية والدولية لكي يشاركوا في الانتخابات المقبلة"، مشيرة إلى أن "ترددها نابع من وجود أحزاب يمكنها فعل أي شيء لعرقلة الانتخابات أو تزويرها".
وتختم: "نخشى من أن الصواريخ ستختار شكل الحكومة المقبلة بدلاً عنا، وحتى موعد الانتخابات المقبل ننتظر عملاً جدياً للأجهزة الأمنية، حتى تكون انتخابات عادلة حرة ونزيهة تعبر عن تطلعات الشعب الذي خرج بالملايين في تظاهرات تشرين عام 2019، ضد الحكومة التي انتجتها انتخابات عام 2018 والتي تم تزويرها شكلا ومضموناَ".