المحايد/ ملفات
يواجه رئيس الوزراء الأسبق وزعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، العديد من الاتهامات الاي تمثلت بإهدار مليارات الدولارات على مشاريع وهمية أضاعت العراق وأجهضت حلم إعماره.
ووصل المالكي إلى رئاسة الوزراء عام 2006 وسط أحداث عنف طائفي كانت تهدد البلاد.
واستمر المالكي في منصبه لمدة ثماني سنوات متواصلة رغم تراجع دعمه من جانب السنة والأكراد آنذاك.
ومع فوز تحالفه في الانتخابات البرلمانية عام 2010 بشق الأنفس، صارع المالكي من أجل احتواء موجة العنف التي أسفرت عن فقد الحكومة العراقية السيطرة على مدن عديدة.
وأُجبر رئيس وزراء العراق أيضا للدفاع عن نفسه من اتهامات باستغلال القضاء لسجن خصومه السياسيين وتكميم أفواههم.
وُلد نوري المالكي بالقرب من مدينة الحلة في عام 1950، وحصل على درجة الماجستير في الأدب العربي، وهو متزوج ولديه أربع بنات وابن واحد.
وفي سبعينيات القرن العشرين، غادر المالكي العراق إلى سوريا. وفي منفاه الاختياري، قاد حزب الدعوة في الثمانينيات.
وفي فترة ما بعد صدام حسين، وبعد وصوله إلى السلطة في 2006، سعى المالكي إلى إثبات أنه زعيم قوي وموحد للبلاد.
وواجه المالكي اتهامات منذ انتخابات 2010 بأنه أهمل استراتيجية التوافق لصالح تركيز السلطة في أيدي حلفائه، كما أشارت الاتهامات إلى أنه متحالف أكثر مع إيران ويتخذ مواقف تتبناها طهران.
عاد المالكي إلى العراق من منفاه بعد أن أزاح غزو العراق نظام صدام حسين عام 2003، ومن ثم برز حزب الدعوة الإسلامية كأحد القوى السياسية الرئيسة بالبلاد مع وجود المالكي في طليعة قيادات الحزب.
عمل نوري المالكي كمتحدث رسمي باسم حزب الدعوة الإسلامية وائتلاف الأحزاب الشيعية، والائتلاف العراقي الموحد الذي فاز بأغلب المقاعد في الانتخابات التشريعية التي شهدها العراق عام 2005.
وفي عام 2007، فوض المالكي القوات الأمريكية بتوجيه ضربة إلى مليشيات السنة التابعة لتنظيم القاعدة، وقاد حملة ضد المليشيات الشيعية الموالية لزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر في عام 2008.
وتحت نيران الحلفاء الشيعة من جهة والضغوط التي كانت تدفع به في اتجاه المصالحة مع المجتمع السني بالعراق من جهة أخرى، انفصل المالكي عن الائتلاف العراقي الموحد وكون ائتلافا جديدا تحت اسم "ائتلاف دولة القانون".
وخاض الائتلاف الجديد الانتخابات البرلمانية في 2010 بحملته التي حملت شعار "عراق واحد"، إلا أنه مُني بخسارة بفارق مقعدين عن ائتلاف "العراقية" المدعوم بأغلبية سنية والموالي لرئيس الوزراء السابق إياد علاوي.
وعلى مدار الأشهر التي شهدت الأزمة في أعقاب الانتخابات، واجه المالكي اتهامات بالتوجه إلى إيران لمساعدته في تدعيم سلطته للاستمرار في منصب رئيس الوزراء. وكان الدعم الذي تلقاه من تكتل مقتدى الصدر – والذي نظر البعض إليه على أنه جاء بضغط من الحكومة الإيرانية على الصدر - من أهم العوامل التي دعمت نوري المالكي.
بعد ثمانية أشهر من المفاوضات التي جرت وسط أجواء مضطربة، توصل المالكي إلى تشكيل حكومة ائتلافية تضمنت أعضاء من تكتل العراقية.
وسرعان ما انكشفت نوايا تلك الحكومة بعد انسحاب القوات الأمريكية، عندما استصدرت مذكرة اعتقال بحق نائب الرئيس العراقي، طارق الهاشمي العضو بائتلاف العراقية.
ووُجهت اتهامات للهاشمي بتمويل هجمات على مسؤولين أمنيين وحكوميين أثناء أحداث التمرد الدامي بالعراق. كما حُكم عليه غيابيا بالإعدام في سبتمبر/ أيلول 2012، ولجأ سياسيا إلى تركيا منذ ذلك الحين.
وكان المالكي قد نفى أن تكون أي من تلك التهم موجهة إلى الهاشمي بدافع سياسي.
منذ عام 2012، يواجه نوري المالكي احتجاجات شعبية وتمردا مسلحا على نطاق واسع يقوده تنظيم داعش.
وصارع المالكي من أجل مواجهة الجماعات المسلحة الجديدة التي تمارس أنشطتها على الحدود السورية العراقية.
ونجح التنظيم في طرد القوات الأمنية من العديد من مدن العراق، كما وقعت أجزاء كبيرة من محافظة الأنبار تحت سيطرة داعش.
وكان المالكي قد اتهم السعودية بأنها وراء الاضطرابات التي تشهدها بلاده.
ويتهم العراقيون المالكي بالمحسوبية وسوء إدارة ثروات النفط الهائلة، فصهراه يعملان في مكتبه برئاسة الوزراء بينما يرأس ابنه أحمد قوات التأمين الخاصة به في الوقت الذي لا زال غالبية العراقيين يعانون من الفقر والتخلف.
وأطاحت الانتخابات البرلمانية عام 2014 نوري المالكي، بعد أن تولى ولايتين متعاقبتين بين 2006 و2014، شهدت فيها البلاد انتهاكات إنسانية واسعة بسبب سياسة طائفية انتهجها في حكمه، أدّت في النهاية إلى وقوع أكثر من ثلث مساحة العراق تحت احتلال تنظيم "داعش"، فضلاً عن عمليات فساد ضخمة كبّدت البلاد خسائر بنحو 250 مليار دولار، ما زالت الجهات القضائية عاجزة عن تحقيق تقدم بملفات الفساد المتعلقة بها بفعل ضغوط سياسية بهذا الخصوص.
وتميزت فترة حكم المالكي بالطائفية العالية في إدارة البلاد، وحملات إقصاء وتهميش هدّدت السلم الأهلي، خصوصاً بعد دعمه نظام بشار الأسد إبان الثورة السورية، والسماح بعبور قافلات المقاتلين والسلاح الإيراني عبر العراق إلى دمشق لغاية رحيله عن السلطة عام 2014.
ولا تزال البلاد تعاني لغاية الآن من آثار حقبة المالكي التي تقدّر عدد الضحايا بعشرات الآلاف من المعتقلين والمختطفين، فضلاً عن نحو ربع مليون عراقي بين قتيل وجريح جراء اجتياح تنظيم "داعش" العراق وما خلّفه من مآسٍ.