المحايد/ ملفات
منذ سنوات طوال، وسكان إقليم كردستان يحاصره الفساد ونهب الثروات، وليس بمعزل عن المحافظات الاتحادية.
وتوسعت رقعة الفساد وانتشار البطالة وغياب فرص العمل، إضافةً إلى تأخر صرف الرواتب لأشهر متوالية في وقتٍ كانت كردستان العراق تعاتب العاصمة بغداد لسكوتها على إهدار المال العام وضياع مستقبل البلاد على يد الطبقة التي تحكم منذ العام 2003.
ورغم أن الإقليم شهد حتى الآن عشرات التظاهرات الاحتجاجية ضد الفساد المستشري فيه وتأخير الرواتب وغيرها من الأزمات الأخرى، تزداد الشكوك عن اقتصار مظاهرات الإقليم في مناطق السليمانية دون أربيل ودهوك والمناطق الكردية الأخرى.
ويرى مراقبون أن الطبيعة السياسية والاقتصادية والاجتماعية بالإقليم تختلف تماماً عما هو موجود في بقية المحافظات، ومن سمات هذا الاختلاف أن كردستان ليس دولة، ومهدد بفقدانه لكيانه المحصور بحدود معينة.
ولا يرغب جزء واسع من سكان الإقليم، لاسيما الطبقة التي تفكر بعقلانية، بانهيار الأوضاع وتحولها الى فوضى عارمة بل يطمح بمظاهرات احتجاجية تكون ضمن الحدود الإصلاحية.
وبعد 28 عاما من الحكم في الاقليم وعلى الرغم من بروز العديد من الازمات والمشاكل، وعوضا من ان تستخدم السلطات الحاكمة استخراج وبيع النفط عاملاً اساسياً في اطار الحفاظ على موقع ومكانة الاقليم وضمان مستقبل اجياله القادمة، الا انها وبالعكس من ذلك حولت استراج النفط وبيعه في الاسواق العالمية الى عامل لتبديد واهدار ثروات وموارد الاقليم، وقطع قوت الناس ووضع المواطنين في الاقليم تحت اعباء ديون وقروض كبيرة متراكمة.
وعلى مدى السنوات الأخيرة، سجلت علاقات بغداد واربيل خلافاً كبيراً فيما يخص ملف النفط وحصة الاقليم في الموازنة.
واستمرار الفساد الإداري والصراعات السياسية الداخلية دعمت نشوء أزمة اقتصادية توصف اليوم بالخانقة.
الخلاف بين حكومة الإقليم وحكومة المركز كان على خلفية إدارة ملف الثروة النفطية، إذ يتحكم الإقليم الكردي في آبار نفط تقع داخل حدوده الإدارية، وهو ما دفع الحكومة المركزية إلى قطع الميزانية الاتحادية بهدف الضغط على الإقليم لتسليم عائدات النفط لها.
ويصيف مراقبون ان "استمرار الأوضاع الاقتصادية بهذه الصورة له تأثير سلبي على مستقبل الإقليم؛ وذلك في ظل غياب المعالجات الجذرية لأزمة الفساد".
ودفعت الأزمات الاقتصادية والسياسية المتتالية والفساد المستشري في إقليم كردستان العراق موظفيه للخروج في احتجاجات غاضبة؛ للمطالبة بنقل رواتبهم إلى وزارة المالية العراقية لتأخر صرفها لأكثر من 50 يوما، واستقطاع 21% منها ضمن "الخطوات الإصلاحية" التي أطلقتها حكومة الإقليم.
وتأزمت الأوضاع الاقتصادية والسياسية في الإقليم مع ظهور تنظيم داعش، وخسارته لمناطق شاسعة غنية بالنفط كانت تؤمن له واردات ضخمة مع تعمق الخلافات بين أربيل وبغداد، وإصرار الحكومة العراقية على عدم دفع مستحقات كردستان لوجود مخالفات في بيع وتصدير النفط والغاز وعمل المنافذ الحدودية.
وبدأت حكومة كردستان العراق بتطبيق نظام ادخار الرواتب في فبراير/شباط 2016 بنسب تراوحت بين 15% إلى 75%، ثم أجرت تعديلا في 2018 على النظام لتصبح نسب الاستقطاع بين 10% إلى 30%، عندما كان رئيس كردستان العراق الحالي نيجيرفان بارزاني رئيس وزراء حكومة الإقليم آنذاك.
ويُشكل عدم وجود أرقام دقيقة لدى الحكومة العراقية عن الرواتب الشهرية التي تدفعها حكومة كردستان لموظفيها معضلة كبرى أمام اتفاق الطرفين، فالإقليم يعترف بوجود نحو (200-250) ألف موظف فضائي
وتشير إحصائيات غير رسمية عن وجود نحو 750 ألف موظف حقيقي من مجموع 1.250 مليون موظف يستلمون الرواتب من حكومة الإقليم.
وفشلت كردستان في الاستقلال الاقتصادي والذاتي الذي أعلنته خلال السنوات الماضية وعملت به،
وسينعش نقل رواتب موظفي كردستان إلى وزارة المالية العراقية الحياة الاقتصادية في الإقليم بعد سنوات من النكبات المالية وتدهور الوضع المعيشي، في وقت توجد عدة دوائر بكردستان العراق تستلم راتبها من بغداد دون أي مشاكل، كما يرى ذلك كريم، مؤكدا أن هذه الخطوة لن تزعزع كيان الإقليم الاقتصادي والسياسي كما يخشى البعض.