المحايد/ متابعة
أعلنت مديرية مكافحة إجرام بغداد، مؤخراً، عن اعتقال متهم بالاتجار بالبشر، كان يسعى لبيع فتاتين مقابل 60 ألف دولار.
تأتي هذه العملية بعد شهر من القبض على زوجين لدى محاولتهما بيع ولدهما في بغداد.
وقالت وكالة الاستخبارات العراقية "أُلقي القبض على رجل وامرأة بالجرم المشهود أثناء بيعهما لولدهما البالغ من العمر خمس سنوات بمبلغ عشرة ملايين دينار عراقي (حوالي 8 آلاف دولار) بمنطقة الكرادة وسط بغداد".
وبين عامي 2018 و2020، وثق المرصد العراقي (92) جريمة للاتجار بالبشر في بغداد.
وفي عام 2021، أعلنت وكالة الاستخبارات التابعة لوزارة الداخلية العراقية إلقاء القبض على ثلاثة متهمين بالاتجار بالبشر في محافظة واسط.
وقام المتهمون بـ 17 عملية تجارة بالأعضاء البشرية، كما اعترفوا بقيام اثنين منهم ببيع كليتيهما مقابل مبالغ مالية.
حملة القلب الأزرق
وفقاً للجنة المركزية لمكافحة الاتجار بالبشر بوزارة الداخلية، فإن الاتجار بالبشر ارتفع في البلاد إلى المستوى الثاني ضمن التصنيف الدولي للأمم المتحدة الخاص بهذا المجال.
يأتي هذا في وقت يُحيي العالم في 30 يوليو، الموافق الجمعة، اليوم العالمي لمكافحة الاتجار بالبشر، لتسليط الضوء على الأزمة الإنسانية والتوعية بخطورتها وتأثيرها على المجتمعات.
وركزت الأمم المتحدة في العام الحالي 2021 على أهمية الاستماع إلى الناجين والتعلم منهم، عبر حملة "القلب الأزرق".
وحسب الأمم المتحدة فإن "الناجين جهات فاعلة رئيسة في مكافحة الاتجار بالبشر، بل إنهم يلعبون دوراً حاسماً في وضع تدابير فعالة لمنع هذه الجريمة، وتحديد الضحايا وإنقاذهم ودعمهم في طريقهم إلى إعادة التأهيل".
بدوره، حث الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الدول، على اتخاذ إجراءات ضد الاتجار بالبشر قائلاً إن ثلث الضحايا من الأطفال.
وأكد أن مزيدا من الناس تصل أعدادهم إلى 124 مليون شخص سقطوا في براثن الفقر بسبب جائحة كوفيد-19، ما يعني أن الملايين أصبحوا عرضة لهذه الآفة.
ممارسات فردية
وحذر مجلس القضاء الأعلى العراقي، من خطر ارتفاع جرائم الاتجار بالبشر وسط مخاوف من أن تتحول ممارساتها الفردية إلى عمليات منظمة تدار من قبل شبكات من "السماسرة".
ويقصد بجرائم الاتجار بالبشر أو الأشخاص في القانون الذي أقرّه البرلمان العراقي رقـم (28) لسنــة 2012، تجنيد اشخاص أو نقلهم أو إيوائهم أو استقبالهم، بوساطة التهديد بالقوة أو استعمالها أو غير ذلك من أشكال القسر أو الاختطاف أو الاحتيال أو الخداع أو استغلال السلطة، أو بإعطاء أو تلقي مبالغ مالية أو مزايا لنيل موافقة شخص له سلطة أو ولاية على شخص آخر، بهدف بيعهم أو استغلالهم في أعمال الدعارة أو الاستغلال الجنسي أو السخرة أو العمل القسري أو الاسترقاق أو التسول أو المتاجرة بأعضائهم البشرية أو لأغراض التجارب الطبية.
يقول الخبير القانوني حسين حميد إن "البلاد تشهد تصاعداً مخيفاً في معدلات الاتجار بالأشخاص نتيجة الفقر والبطالة، حيث يتم استغلال النساء والفتيات جنسياً، بينما يتم استخدام الأطفال في العمالة والتسول".
ويعاني العراقيون من الفقر والبطالة، إذ تزايدت معدلاتهما أيضاً، خصوصاً بعد تفشي فيروس كورونا، ما دفع بالعديد من المواطنين إلى استغلال الأطفال في التسول والعمالة ودفع النساء والفتيات لسوق الجنس، بينما راح البعض يعرض كليته للبيع أو كلية أبنائه مقابل بعض المال.
ويضيف حميد "إذا نظرنا إلى ظاهرة الاتجار في العراق، فإن مسألة ارتفاع معدلاتها أخطر بكثير من أن تكون فردية".
ويرى أنها "مدعومة" بالضرورة، من شبكات إجرامية، عازياً ذلك إلى "الضعف الأمني والسلاح المنفلت"، حسب تعبيره.
ويتابع حميد: "ضعف سلطة القانون هو السبب الرئيسي في اتساع هذه الظاهرة، وهذا فسح المجال للشبكات الإجرامية لاستغلال الأوضاع في البلاد أبشع استغلال. إذ تستهدف عصابات الاتجار الفقراء والمحتاجين والعاطلين عن العمل في تجارة الجنس والأعضاء البشرية".
ويربط كل ذلك بالفساد المستشري داخل العراق، موضحاً "للفساد دور كبير في التغاضي عن تلك الممارسات، خاصة أن هناك عناصر نافذة في الدولة لها علاقة بهذه الجرائم، مهمتها عرقلة القضاء من خلال التهديد أو الرشاوى".
زواج القاصرات
في نفس السياق، ترى الخبيرة في علم النفس الاجتماعي الدكتورة صبيحة الصالحي، أن مشكلة الحكومة وحدها "مسؤولية الاتجار بالبشر".
وتضيف "بعض أشكال الاتجار في البشر مباركة من القوانين العراقية، مثل زواج القاصرات القسري".
وتقول الصالحي، إن "زواج القاصرات هو اتجار بالبشر، حيث يتم ترغيب الصغيرات بالزواج أو إرغامهن عبر استغلال ضعفهن، والقانون يسمح بذلك".
وتوضح: "التقيت بكثير من المتزوجات تم قسراً وهن صغيرات، وشاهدتُ كيف يتم استغلالهن جنسياً عندما يقدم الأهل على تزويجهن مقابل المال، وهذا يعني بيعهن، لضعف أوضاعهم المعيشية، أو يتم تزويج الصغيرات لخدمة زوج طاعن بالسن ومريض مقابل المال أيضا".