المحايد/ ملفات
يشهد العراق خلال الأيام الماضية، حراكاً جديداً يظهر إصرار القوى السياسية وحكومة الكاظمي على إجراء الانتخابات في موعدها المقرر.
ويقابل هذا الإصرار، تمسك زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر بقرار مقاطعته للانتخابات، ما يثير مخاوف بعض القوى من إجرائها في موعدها.
استمرار الصدر بمقاطعة الانتخابات ومنع أنصاره من دعم أي مرشح أو الترويج له قبل شهرين من موعد عملية الاقتراع، يعد من المؤشرات البارزة على تأجيلها إلى موعد آخر.
ويرى مراقبون للشأن السياسي أن إصرار الصدر على مقاطعة الانتخابات تعني أولى خطوات تأجيل الانتخابات واستمرار الكاظمي برئاسة الحكومة.
وفي إحدى التغريدات التي غرد بها الصدر وجه الأخير شكراً خاصاً إلى رئيس الوزراء بعد إعلان الاتفاق بين العراق والولايات المتحدة بشأن انسحاب القوات القتالية نهاية العام الحالي.
وفي خطوة جديدة تؤكد إصرار الحكومة والقوى السياسية على إجراء الانتخابات في موعدها المقرر، عقد الكاظمي اليوم السبت اجتماعا جديدا في القصر الحكومي ببغداد حول مصير الانتخابات.
وحضر الاجتماع رئيسي مجلس النواب محمد الحلبوسي ومجلس القضاء الأعلى فائق زيدان ومفوضية الانتخابات والممثلة الأممية جينين بلاسخارت.
وأجمعت الرئاسات والقوى السياسية خلال اجتماعها، على ضرورة إجراء الانتخابات في موعدها المقرر بالعاشر من تشرين الأول المقبل.
وذكر المكتب الإعلامي لرئيس مجلس الوزراء في بيان تلقته أنه "عُقد في القصر الحكومي، وبرعاية رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي، اجتماع القوى الوطنية بحضور رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي، ورئيس مجلس القضاء الأعلى فائق زيدان، ومفوضية الانتخابات، وبعثة الأمم المتحدة في العراق".
وأضاف البيان، أن "المفوضية عرضت شرحاً مفصلاً، عن استعداداتها الفنية وقدرتها لإجراء الانتخابات في موعدها المحدّد في العاشر من تشرين الأول المقبل".
وأكد الكاظمي وفقا للبيان، "تمسك الحكومة بالموعد المقرر لإجراء الانتخابات، وقدرتها على توفير الأجواء الملائمة لإجرائها وبانسيابية عالية".
وتابع البيان أن "القوى السياسية الوطنية، أجمعت على إجراء الانتخابات في موعدها المقرر في العاشر من تشرين الأول المقبل، وتمسكها بهذا الموعد".
وجدّد الكاظمي والقوى السياسية الدعوة للكتل السياسية المقاطعة للانتخابات؛ للعدول عن قرارها، حيث اقترح الكاظمي تشكيل لجنة من القوى السياسية الوطنية للحوار مع الكتل المقاطعة، وإقناعها بالعدول عن قرارها؛ من أجل توحيد الجهود خلال المرحلة المقبلة".
وكان الصدر قد وجه تهديداً غير مباشر إلى أنصاره بشأن دعم المرشحين للانتخابات المقبلة.
ويأتي تهديد الصدر عن لسان مستشاره حسن العذاري حيث قال إن قرار الصدر بخصوص عدم الاشتراك في انتخابات تشرين قطعي وحاسم ولا رجعة فيه.
وأضاف أنه "لا يحق لأي فرد من أفراد التيار الصدري دعم أو نشر أو ترويج لأي مرشح مهما كان".
وواجهت الانتخابات العراقية انسحابا متوالياً ، مع اقتراب موعد الاقتراع المقرر في العاشر من أكتوبر المقبل، لأسباب تتعلق غالبا بالتهديدات الأمنية، التي يوجهها المرشحون، وسط دعوات لتكثيف الجهد الأمني، لتحسين بيئة الانتخابات.
وتحدث مصدر داخل المفوضية لموقع "المحايد" قائلاً: "عشرات الطلبات وصلت خلال الأيام القليلة الماضية، بالانسحاب من الانتخابات، لأسباب غير مفهومة لغاية الآن، وهو ما يؤشر وجود تهديدات أو حصول مضايقات في بعض المناطق، خاصة تلك التي تشتد فيها المنافسة".
وأضاف، أن "الطلبات التي تلقتها المفوضية لغاية الآن تزيد عن 35 طلبا، لمرشحين من مختلف المناطق، وبعضهم في العاصمة بغداد، لكن المفوضية لا تقبل مجمل تلك الطلبات، بل تراعي جملة ضوابط وشروط، مثل الكوتا النسائية، وعدم تأثير هذا الانسحاب عليها".
ولفت المصدر إلى أن "القانون لم يشترط على المرشح تحديد سبب الانسحاب، وهو ما يجعلنا غير مطلعين على الأسباب الحقيقية، لتوالي الانسحابات، التي تعطي مؤشراً سلبياً عن الأمن الانتخابي في البلاد".
ويمثل التنافس المحتدم دافعا باتجاه الضغط على بعض المرشحين للانسحاب، من السباق الانتخابي، لصالح مرشحين آخرين، قريبين من تلك التوجهات، التي غالباً تتماشي مع رؤية جمهور المناطق التي تشهد مثل تلك الانسحابات، ما يعني عدم وجود عائق، أو رفض من قبل الجمهور بالتصويت للمرشح البديل عن الآخر المنسحب.
ودفعت تلك الأجواء قوى سياسية وحركات منبثقة عن الحراك الاحتجاجي الذي شهدته مناطق وسط وجنوب العراق بدءا من أكتوبر 2019 وكان وراء إسقاط حكومة رئيس الوزراء السابق عادل عبد المهدي إلى التهديد بمقاطعة اقتراع تشرين، فيما أعلنت أخرى عزوفها عن الانتخابات.
ورغم تحذير البعض من أنّ انسحاب القوى المطالبة بالتغيير سيفتح المجال أمام القوى ذاتها التي حكمت العراق منذ سنة 2003 والمسؤولة عن أوضاعه الكارثية للعودة إلى الحكم مجدّدا، إلاّ أن أنصار مقاطعة الانتخابات يجادلون بأنّ المقاطعة أفضل من المشاركة التي قد تصبّ في النهاية في مصلحة الأحزاب الكبيرة وما يرتبط بها من فصائل مسلّحة عبر التزوير والتهديد بالسلاح والإغراء بالمال الفاسد.
والشهر الماضي، أطلقت القوات الأمنية العراقية، حملة واسعة، لتأمين الانتخابات، إذ ستمتد على مدار أكثر من أربعة أشهر، وتستهدف في مراحلها الأولى، تقسيم المناطق وفق خطورتها، ومسح كامل للتهديدات المحتملة، ووضع الخطط اللازمة لمواجهتها، وتكثيف الجهود الاستخبارية، والتعاون مع مخبرين جدد في المناطق المرصودة، فضلاً عن ملف الأمن الالكتروني، وما يمثله ذلك من أهمية كبيرة.