المحايد/ سياسة
في ضربة جديدة تتلقاها العملية السياسية في العراق بشكل عام، والانتخابات النيابية بشكل خاص، أعلن زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، مقاطعته الانتخابات المبكرة المقررة في العاشر من تشرين الأول المقبل.
وأكد في كلمة متلفزة، "سحب يده من الحكومة الحالية والمقبلة".
هذا التطور المفاجئ الذي تشهده العملية السياسية في العراق، جاء بعد سلسلة من التصريحات والبيانات والمواقف التي أطلقها الصدر منذ مدة طويلة، والتي أكد فيها "أحقية التيار الصدري بالحصول على رئاسة الحكومة المقبلة".
ومنذ أشهر تستعد الاحزاب التابعة للصدر، بشكل كبير، الدخول في الانتخابيات بقوة تمهيداً للحصول على منصب رئاسة الحكومة.
وتابع الصدر في كلمته التي بتها وسائل كل كلمة له، عن أسفه على العراق "وهو أسير الكربات والفساد، وقد تكالب عليه من الداخل والخارج كل الجناة، الذين لم يبقوا في البلد إلا الخراب والذل والهوان".
واستطرد أن "ما في العراق من ظلم وفساد لم يعد بالمقدور محوه أو تقليله فالكل تكالبوا على البلد، ولا أريد أن أكون معهم ولا منهم، فكلهم لا يريد إلا المال والسلطة والسلاح ولست من طلابه".
وقال إنه "حفاظاً على ما تبقى من الوطن الذي أحرقه الفاسدون ومازالوا يحرقونه، أعلن أنني لن اشترك في الانتخابات المقبلة، وأعلن عن سحب يدي عن كل المنتمين لهذه الحكومة الحالية واللاحقة، وإن كانوا يدعون الانتماء لنا آل الصدر".
واعتبر أنّ "الجميع إما قاصراً أو مقصراً أو يتبجح بالفساد، لكن الكل تحت طائلة الحساب"، داعياً الشعب إلى "مناصرة العراق ضد الفاسدين والتبعيين والمطبعين. وإياكم أن تبيعوا وطنكم لهم بأي ثمن".
كما حذر قائلاً "انتبهوا قبل أن يكون مصير العراق كمصير سورية وأفغانستان أو غيرها من الدول التي وقعت ضحية السياسات الداخلية والإقليمية والدولية".
وتابع "لست ممن يتنصل عن المسؤولية إلا أن ما يحدث في العراق هو ضمن مخطط شيطاني دولي لإذلال الشعب وتركيعه وإحراقه، خوفاً من وصول عشاق الإصلاح الذين سيزيلون الفساد"، مستدركاً "لكننا لن نركع لهم، فليأخذوا كل المناصب ويتركوا لنا الوطن".
وأعرب عن أمنياته بأن "يكون النجاح للانتخابات المقبلة ووصول الصالحين وتبعد الفاسدين. لكن هيهات".
أسباب خفية
من جانبه قال النائب عن تحالف سائرون، سلمان حسن، إن جملة أسباب دفعت زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، إلى الانسحاب من الانتخابات البرلمانية، منها وجود مخطط دولي لإحراق العراق بدءًا من ذي قار.
وبين حسن، أن "هناك جملة من الأسباب التي تخفى علينا بكل تأكيد دفعت الصدر إلى إعلان الانسحاب من الانتخابات، وعدم المشاركة في الحكومة الحالية أو المقبلة".
وأضاف حسن أن "ما نلمسه من تلك الخطوة هو أن هناك مخطط دولي إقليمي لحرق العراق يبدأ من محافظة ذي قار"، مبينا أن "قرار عدم المشاركة ربما لإنهاء مخطط معد له مسبقًا".
وتوقع عضو سائرون، أن "تكون هناك خطوات لاحقة ستلحق بخطوة الانسحاب من أجل سيادة البلاد وفرض هيبة الدولة والقانون".
الانسحابات تتوالى
وبشكل فوري وبعد أن ختم الصدر كلمته التي اعلن فيها مقاطعته الانتخابات، أعلن عدد من مرشحي التيار الصدري في الانتخابات البرلمانية، انسحابهم من المشاركة في الانتخابات المقبلة.
وكتبت المرشحة عن التيار الصدري مها الدوري، منشوراً على صفحتها في فيسبوك، تابعه موقع IQ NEWS، أنه "طاعة لسماحة السيد القائد مقتدى الصدر (أعزه الله) بعد إعلانه عن عدم مشاركته في الانتخابات المقبلة تعلن الدكتورة مهى عادل مهدي الدوري عن عدم مشاركتها في الانتخابات المقبلة".
أما المرشح حسن العذاري فقد كتب: "طاعةً لسماحة السيد القائد الصدر، وحباً بالعراق، اعلن سحب ترشحي من الانتخابات القادمة، والله ولي التوفيق".
في حين قال مصدر، بأن "حاكم الزاملي يعلن انسحابه من الترشح للانتخابات القادمة بعد خطاب الصدر اليوم الخميس".
وكتب نائب رئيس مجلس النواب والمرشح أيضاً للانتخابات المقبلة حسن الكعبي أنه "طاعة لما ورد في خطاب سماحة السيد القائد مقتدى الصدر اعزه الله اعلن انسحابي من الترشح للانتخابات النيابية المُقبلة ومن الله التوفيق".
وكتب المرشح علي حسين علوان الساعدي: "مع الزعيم العراقي والقائد الوطني سماحة السيد مقتدى الصدر (أعزنا الله بعزه) في السلم والحرب، وله مني السمع والطاعة في الأوامر كلها، وعن ذلك لن أحيد ما دمت حيًا، أعلن انسحابي من الترشح للانتخابات النيابية".
في حين كتب المرشح غايب فيصل العميري، أنه "طاعةً لسماحة السيد القائد الصدر وحباً بالعراق اعلن سحب ترشحي من الانتخابات القادمة".
وبشأن انسحاب الكتلة الصدرية، قال نائب صدري إن "الكتلة الصدرية ستقدم طلبا بالانسحاب من الانتخابات، ومجلس المفوضين في المفوضية العليا المستقلة للانتخابات هو من يقرر وفق الاليات المحددة وصلاحياته، وربما يذهبون باتجاه تأجيل الانتخابات إلى موعد لاحق".
المفوضية ترد
ورداً على الضجة الكبيرة التي احدثها زعيم التيار الصدري، بإعلانه مقاطعة الانتخابات والحكومة وما اثير من مخاوف حول تأجيل الانتخابات، أكدت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، بأن رئيس وأعضاء مجلس المفوضين ملتزمون بإجراء الانتخابات البرلمانية المقبلة في موعدها المقرر بشهر تشرين الأول.
وقال المكتب الاعلامي لمفوضية الانتخابات، في بيان إن "لا صحة لما يتم تداوله في وسائل الإعلام المختلفة بشأن انسحاب رئيس مجلس المفوضين القاضي جليل عدنان خلف، من المهام المناطة به رئيسًا للمفوضية العليا المستقلة للانتخابات".
وأكد رئيس وأعضاء مجلس المفوضين، بحسب البيان، التزامهم بـ"إجراء انتخابات مجلس النواب العراقي في موعدها المقرر في العاشر من تشرين الأول ٢٠٢١".
وكان مساعد المتحدث الاعلامي باسم المفوضية، نبراس أبو سودة، قد نفى في وقت سابق من اليوم، الأنباء التي تفيد باستقالة القاضي جليل عدنان من منصبه كرئيس لمفوضية الانتخابات.
ويشهد العراق اضطرابات أمنية وسياسية واقتصادية وصحية، بسبب تراكم الفساد منذ عقود طولية، في ظل عدم وجود حكومات جادة تضع حد لسلسلة المآسي والويلات التي يعاني منها ملايين العراقيين منذ سقوط النظام السابق عام 2003.
اعتزال للمرة الثالثة
وبعيداً عن السجال السياسي وقريباً من مواقف زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، يشير المتابعون للشأن السياسي أن عام 2021 هي السنة الأصعب على الصدر، لما حملت له من صراعات واتهامات وتوجهات ادت إلى اتساع الفجوة مع جماهيره والأطراف السياسية.
وفي عام 2014، قرر الصدر حل (كتلة الأحرار) الكتلة التي كانت تمثله في البرلمان، فيما أعلن إغلاق مكاتب التيار الصدري وانسحابه من العمل السياسي.
وقال الصدر في بيان وقتها، "أعلن عدم تدخلي بالأمور السياسية كافة وأن لا كتلة تمثلنا بعد الآن ولا أي منصب في داخل الحكومة وخارجها ولا البرلمان".
وفي عام 2018، كانت للصدر مواقف كثيرة، تشبه موقفه الاخير الذي اعلنه الخميس، ففي بياناته وتصريحاته كثيراً ما اعلن الصدر، عدم تدخله بالعملية السياسية ورفع يده من مسؤولين ووزراء ونواب ينتمون لكتلته (سائرون)، لكن وبحسب المراقبين عادة ما يعود الصدر، لممارسة لعبة السياسية مرة أخرى بعد فترة ليست بالطويلة.