المحايد/ أمن
أثار الشريط المصور الذي أظهر لحظة اغتيال مدير بلدية كربلاء، عبير سليم، امتعاضاً لدى الشارع العراقي، بسبب إقدام القاتل المتجاوز على قتل سليم، أمام أنظار الدورية التي كانت مكلفة بحماية مدير البلدية، وهو الأمر الذي دفع رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي إلى التوجيه بمحاسبتهم، ودفع وزير الداخلية عثمان الغانمي إلى إصدار أمر بحجزهم.
ومع حادثة اغتيال مدير بلدية كربلاء، عادت أذهان العراقيين إلى حالات التعذيب التي تحدث داخل السجون، خصوصاً مع تكرار حوادث وفاة لنزلاء في عدد من السجون العراقية، جراء التعذيب أو في ظروف غامضة كما تشير تقارير منظمات حقوقية محلية ودولية، ليكون هذا الملف محور انتقادات واسعة أمميا وعراقيا.
ويوم أمس، اغتيل مدير بلدية كربلاء، عبير سليم الخفاجي، خلال إشرافه على حملة لرفع التجاوزات بإحدى المناطق في المحافظة، عقب إقدام شخص متجاوز يحمل سلاح مسدس، ووجه إليه 3 إطلاقات نارية في صدره وأمام وجه، ليقف فوقه مهدداً إياه، بينما عناصر الشرطة التي كانت مرافقة للخفاجي تهرب من القاتل الذي يحمل مسدساً فقط!.
ويقول مختصون أمنيون، إن "كثيراً من عناصر الأمن تمارس مهنتها من أجل راتبها وليس لأجل خدمة الوطن، أو أداء واجبها بالصورة الصحيحة وتوفير الحماية للمواطنين والمسؤولين الذين ينفذون حملات مشابهة في أماكن مختلفة وسط انتشار السلاح المنفلت بيد الميليشيات والعشائر".
ويشير المختصون إلى أن "توجيه الكاظمي لمحاسبة الدورية التي كانت مرافقة للخفاجي خلال أدائه الواجب، يأتي من إيمانه بأن العناصر الأمنية تحتاج إلى تدريبات والدراسات على التعامل مع الحوادث الطارئة".
وفي وقت سابق من اليوم، زار الكاظمي، صباح اليوم الأربعاء، عائلة الشهيد المهندس عبير سليم ناصر الخفاجي مدير بلدية كربلاء، وقال: "سنكون أكثر شدة مع المتجاوزين على الدولة وعلى القانون، ولن تمر هذه الحادثة مرور الكرام".
وأكد أن " القتلة والمجرمين لن يفلتوا من العقاب، وأننا نبحث عن القصاص والعدل لكل من تسوّل له نفسه استرخاص الدم العراقي، فلا يوجد أحد فوق القانون، ولن نسمح بأن تعم الفوضى"، موجهاً "بمعاقبة افراد الدورية التي كانت مكلفة بحماية مدير البلدية اثناء الواجب".
ويشير أحد المسؤولين الأمنيين، إلى أن "عملية اغتيال مدير بلدية المحافظة، تعتبر تحدياً بارزاً أمام الحكومة بمواجهة السلاح المنفلت الذي يمتلكه الأهالي والعناصر المسلحة الأخرى"، مضيفاً أن "السلاح المنفلت يؤثر بشكل كبير على تطبيق القانون، وعلى الحكومة مواجهة مثل هذه الأعمال ومحاسبة المنفذين".
ومع هذه العملية التي أودت بحياة مدير بلدية المحافظة أمام أنظار عناصر الأمن، شدد مراقبون للوضع الأمني على أن "عناصر الأمن تحتاج إلى تدريب ودراسات، خصوصاً وأنها تقوم بافتراس الموقوف داخل السجن، وتبدو ضعيفة أمام القاتل".
وفي آخر الحالات المسجلة عن حالات التعذيب، أعلنت أسرة المواطن المعتقل، محمد الدبي، مقتله قائلةً، إن "السبب وراء ذلك هو التعذيب وسوء المعاملة في سجون مديرية مكافحة جرائم البصرة".
وكانت سجون محافظة البصرة أقصى جنوبي البلاد، قد سجلت حالتي وفاة أخريين في الآونة الأخيرة، وفي هذا الإطار أصدرت بعثة الأمم المتحدة في العراق (يونامي) والمفوضية السامية لحقوق الإنسان، تقريرا مفصلا يسلط الضوء على ظاهرة التعذيب وسوء أوضاع السجناء في العراق.
وقالت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في العراق جينين هينيس- بلاسخارت: "لا توجد ظروف، مهما كانت استثنائية، تبرر التعذيب أو أي شكل من أشكال الإفلات من العقاب".
ويغطي التقرير الفترة الواقعة بين 1 يوليو 2019 ولغاية 30 أبريل 2021، ويستند إلى مقابلات مع 235 شخصا محرومين من حريتهم، وقدم أكثر من نصف جميع المحتجزين الذين قابلتهم بعثة الأمم المتحدة روايات موثوقة وذات مصداقية عن التعذيب، بما يتفق مع الأنماط والاتجاهات التي وثقتها في الماضي منظمات حقوقية.
وتظهر النتائج أن معظم الشروط القانونية والضمانات الإجرائية، التي يمكن أن تمنع التعذيب لم يتم احترامها بشكل روتيني، وهذا يثير القلق بشأن عدم وجود رقابة قانونية فعالة لمعالجة واقع غرف الاستجواب وأماكن الاحتجاز، مما يديم دورة الإذعان والإنكار.