المحايد/ ملفات
ظهرت تداعيات الأزمة المالية للعراق بوضوح في عدة مؤشرات سلبية ، حيث وصلت إلى الدخل الفردي للمواطنين،
يواصل العراق مواجهة الازمات الاقتصادية التي ضربت العالم بسبب جائحة كورونا، حيث تعد البلاد ذات الاقتصادات الهشة باعتمادها عبى النفط كلياً.
وهذا الأمر يضع الحكومة أمام صعوبات معقدة على المستويين الاقتصادي والاجتماعي لتفادي ما هو أسوأ.
ويعتبر العراق البلد النفطي نموذجا للاقتصاد الهش في المنطقة العربية باعتباره يعتمد على ريع النفط كمصدر رئيسي للإيرادات ولذلك تأثر بالأزمة ومن الطبيعي أن تبعث المؤسسات المالية الدولية برسائل تحذر من انعدام الأمن المالي للسكان.
وتتزايد ضبابية الخروج من المشكلة في ظل استمرار تعثر جهود السلطات للبحث عن بدائل لإيرادات النفط، بعد أن فقد المواطن العراقي جزءا من الدخل السنوي، في ظل تسارع تبخر مدخرات النقد الأجنبي وجبل الديون.
ولم تشكل بيانات البنك الدولي بشأن الانخفاض الكبير في نصيب الفرد العراقي من إجمالي الدخل الإجمالي بنحو ألف دولار تقريبا، مفاجأة للكثير من المحللين بالنظر إلى سوء إدارة الحكومات المتعاقبة للسلطة منذ العام 2003.
وقال البنك الدولي في إحصائية رسمية نشرها مؤخرا إن “نصيب الفرد العراقي من إجمالي الدخل القومي خلال عام 2020 بلغ 4.66 ألف دولار منخفضا عن سنة 2019، والتي بلغ نصيب الفرد فيها 5.49 ألف دولار”.
4.66 ألف دولار نصيب المواطن العراقي السنوي في 2020
وكان أعلى دخل للفرد العراقي خلال العقود الأربعة الماضية قد تم تسجيله في العام 1990 حيث بلغ حينذاك أكثر من سبعة آلاف دولار بقليل قبل أن يهبط إلى 70 دولارا في عام 1991 ليعاود الارتفاع بعد عام 2003.
ومنذ الغزو الأميركي سجل أعلى دخل للمواطن العراقي في عام 2013 عندما بلغ في ذلك الوقت 7 آلاف و50 دولارا قبل أن يعاود النزول في عام 2014 والذي بلغ 6 آلاف و750 دولارا.
وأشار تقرير لمعهد التمويل الدولي، في وقت سابق، إلى أن اقتصاد العراق في العام الماضي شكل أسوأ أداء اقتصادي للبلاد منذ 2003.
ولأن الاقتصاد العراقي مرهون بشكل كبير بسوق النفط العالمية ونتيجة لانخفاض أسعار النفط بسبب أزمة كورونا التي تسببت في انخفاض الطلب العالمي على النفط، فقد تأثر العراقيون كثيرا بعد أن تقلصت عوائد الخام.
وفي ضوء ذلك باتت الحكومة العراقية عاجزة عن تأمين رواتب الموظفين، واضطرت إلى تشريع قانونين، الأول هو قانون تمويل العجز، والثاني هو الاقتراض الداخلي والخارجي.
ويمر العراق، ثاني أكبر منتج للنفط في أوبك، بأسوأ أزماته الاقتصادية. فقد تضاعف معدل الفقر في البلاد في عام 2020 وصار 40 في المئة من السكان البالغ عددهم 40 مليوناً، يعتبرون فقراء وفق البنك الدولي، بينما خسرت العملة المحلية 25 في المئة من قيمته.
ويشكّل الفساد الذي كلّف العراق ما يساوي ضعفي إجمالي ناتجه الداخلي الإجمالي، أي أكثر من 450 مليار دولار، أبرز هموم العراقيين الذين يعانون من نقص في الكهرباء والمستشفيات والمدارس.
في الأثناء، يجري العراق مفاوضات مع صندوق النقد الدولي على قرض بقيمة تراوح بين 3 إلى 4 مليارات دولار، كما أوضح الوزير، آملاً التوصل إلى اتفاق مع الصندوق بحلول نهاية العام.
وقال وزير المالية علي علاوي مؤخرا إن هذا “الاقتراض ذو طابع نقدي ويمنح مصداقية للإصلاحات” التي ترغب الوزارة بتطبيقها، و”تعتمد نهايتها على وضعنا الحالي وموازنة 2022 إذا ما تمكّنا من تقديمها للبرلمان قبل الانتخابات” النيابية.
وكان العلاوي قد كشف في وقت سابق أن موازنة 2022 التي شرعت الوزارة بإعدادها قبل أيام، ستكون ذات بعد إصلاحي فهي “تختلف عن الموازنات السابقة” وتعكس “واقع التزامات العراق”.
وأوضح الوزير في مؤتمر صحافي مساء الخميس الماضي أن الوزارة ستسعى إلى رفع هذه الموازنة الجديدة إلى البرلمان قبل الانتخابات النيابية المبكرة المقررة في أكتوبر المقبل وأنها ستكون “موازنة إصلاحية لكن ربما ستكون صعبة سياسياً”.
5.49 ألف دولار نصيب المواطن العراقي السنوي في 2019
وحاولت الوزارة في الموازنة السابقة القيام بأمر مشابه فقد قدمت الموازنة بطريقة تظهر للمسؤولين حجم التزامات العراق الحقيقية دون دفعها في زوايا متأخرات فجاء الرقم كبيراً ولم يكن مقبولاً سياسياً فتم تعديله وصدرت الموازنة بشكلها الحالي.
وألمح علاوي بذلك على الأرجح إلى صعوبة تمرير الميزانية الجديدة نظرًا إلى ارتفاع قيمة العجز فيها مثلما حدث في الميزانية السابقة، ففي مقترح مشروع قانون موازنة 2021 الذي رفعته الحكومة للبرلمان قدّرت قيمة العجز بنحو 49 مليار دولار.
لكن النواب قاموا بسدّ الفارق عبر إلغاء ديون ومستحقات على الدولة مقابل مصادر طاقة من الحساب، لاسيما مستحقات الغاز والطاقة الإيرانية، ودفوعات أخرى للبنى التحتية.