المحايد- ملفات
كشفت وكالة الأنباء العراقية الرسمية، الخميس، عن وصول وزير التخطيط خالد بتال النجم، إلى الكويت، في زيارة رسمية، حاملاً معه رسالة خطية من رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي إلى أمير الكويت، تتضمن دعوته لحضور مؤتمر "دول الجوار العراقي"، الذي سيعقد في بغداد قبل نهاية الشهر الحالي، بمشاركة أوروبية.
وتشهد المنطقة تدهورا كبيرا عقب الاعتداءات المتكررة على الملاحة البحرية في خليج عمان وبحر العرب.
وحمّل وزراء الخارجية في دول مجموعة السبع، الجمعة، إيران، مسؤولية الهجوم على ناقلة للنفط في 29 يوليو الماضي في بحر عمان وأسفر عن مقتل شخصين.
وشهد العراق خلال الأشهر الماضية العديد من الهجمات الصاروخية وهجمات بطائرات درون مفخخة، شنت على قواعد للجيش الأميركي ومطاري بغداد وأربيل، وسط مساعٍ من قبل الحكومة العراقية للعب دور الوسيط للتقارب بين إيران والغرب ودول الخليج.
تعليقاً على ذلك، يستبعد السياسي مثال الآلوسي، أن يكون لمؤتمر دول الجوار العراقي أي جدوى في التخفيف من التوتر ومنح العراق وزنه الحقيقي في المنطقة.
ويقول إن العراق يمثل الآن "مصدرا لتغذية أنظمة عليها مشاكل اقتصادية واضحة، وهي منقمسة إلى قسمين: الأول دول تعيش في فلك ولي الفقيه الإيراني وتحت سيطرة الحرس الثوري والمليشيات وكل المتهمين بالإرهاب، وتمويل أمور خطرة لا تصب في مصلحة الأمن القومي العراقي".
"والثاني دول معنية بذاتها تبحث عن العلاقة مع العراق لا لدعم الإستراتيجيات العراقية، بل للاستفادة اقتصادياً عبر شركاتها لتسويق الغاز والنفط العراقي بأسعار منخفضة"، يضيف الألوسي.
ويتابع: "نلاحظ أن إيران والأحزاب العراقية التابعة لها، لا تعارض هذا النشاط الحميم لحكومة الكاظمي، لعقد هذه المؤتمرات المتكررة، لأنها ستكون الأرض الخصبة والنافذة لإنقاذ النظام الإيراني".
كما "ستفتح هذه المؤتمرات أبواباً جديدة لإيران على دول لا يمكنها النفوذ إليها، وفي الوقت ذاته تكون العراق نافذة لهذه الدول التي لا يمكنها أن تذهب بشكل مباشر للعلاقة مع إيران، من بينها دول عربية" حسب الألوسي.
ويرى أن هذا الأمر "خطير على حساب المصلحة العراقية"، داعياً الكاظمي إلى "عقد مؤتمر يدعو اليه الرئيس الإيراني الجديد ورئيس الحكومة الإسرائيلية الجديدة ودول الخليج والحكومات الأخرى في المنطقة، لحلحلة المشاكل".
ويرى الألوسي أن هذا "مؤتمر يليق بوزن بغداد التاريخي الحقيقي والاقتصادي والبشري والسياسي،ويسهم في حماية الأجيال وحماية المنطقة من الحروب، بدلا من المؤتمر الحالي غير واضح الأهداف".
ورغم تلويح الآلوسي إلى أنه ليس من السهل أن تحضر إيران وإسرائيل بهذه السهولة، لكن "الدعوة بحد ذاتها ستعطي وزنا جديدا للحكومة العراقية وللعراق، وتعطي مفاهيم جديدة أصبح الكثيرون يخشون التحدث بها خوفاً من المليشيات وتصفية المليشيات لهم" وفق تعبيره.
وتأتي استعدادات الحكومة لعقد مؤتمر دول الجوار في بغداد في وقت يفصلها عن الانتخابات البرلمانية المبكرة شهران.
"دعم للعملية السياسية"
في نفس السياق، يرى مكي النزال، وهو عضو اللجنة العليا للميثاق الوطني العراقي، أن العراق بحاجة ماسة إلى أفعال حقيقية وليس "عمليات ترقيعيه تهدف إلى التشويش على واقع حاله المرير".
ويقول النزال "لا يعدو هذا المؤتمر كونه دعمًا للعملية السياسية قبيل الانتخابات الخاوية من مفهومها، التي إن أجريت أو ألغيت لن تغير شيئًا، لأن منطقتنا مصابة بكل ما في الكون من أوبئة سياسية واجتماعية تتمركز جميعها في العراق؛ بسبب وقوعه تحت نير التأثير الإقليمي السلبي الناتج عن الدفع باتجاه عرقي وطائفي يمزق هذا البلد ويساعد الآخرين على امتصاص خيراته والسيطرة عليه".
ويرى بأنه "لا جدوى من هذا المؤتمر في إعادة الهدوء للعراق والمنطقة، لافتقار المشاركين فيه للجدية والحزم، وكذلك افتقارهم للقدرة على اتخاذ قرارات وإيجاد حلول ناجعة لمشاكل المنطقة".
ويواجه العراق تحديات كبيرة تأتي في مقدمتها السلاح المنفلت واتساع رقعة سيطرة المليشيات الموالية لإيران على مفاصل الدولة، وعدم امتثالها للقرارات الصادرة عن الحكومة العراقية، إضافة إلى تحديات أخرى تكمن في أزمة اقتصادية خانقة ونقص في الخدمات الرئيسية.
من جهته، يقول المحلل السياسي علي البيدر، إن العراق "قادر على احتضان هكذا مؤتمرات وإنجاحها لامتلاكه الكثير من الإمكانيات والمؤهلات، التي تدعمه في التقريب بين وجهات نظر الكثير من الفرقاء السياسيين على المستويين الإقليمي والدولي".
لكنه لا ينفي وجود الكثير من المعوقات التي تعترض هذا التوجه ومنها السلاح المنفلت والأطراف التي تحاول إضعاف الحكومة وتحركاتها.
ويضيف البيدر "إذا نجحت الدولة بالانتصار على قوى اللادولة، من الممكن أن نخرج ببيئة مناسبة لتوفير الأجواء لعقد هكذا لقاءات، ولا شك أنها ستنعكس على الواقع العراقي بشكل مباشر وواضح، بالتالي يمكن استثمارها في كافة الأصعدة الأمنية والسياسية والاقتصادية".