المحايد/ ملفات
يواجه سكان المدن المحررة من تنظيم داعش الإرهابي، حرباً جديدة يخوضها حيتان الفساد والشخصيات السياسية التي تستغل تلك المناطق في كل انتخابات.
وبدأ عدد كبير من المرشحين في استغلال معاناة سكان المدن المحررة في غرب البلاد وشمالها، ابتداءً من خطوات التبليط وليس انتهاء بتوزيع السلات الغذائية.
وتواجه قوى سياسية في محافظات ومدن شمالي وغربي العراق، اتهامات باستغلال حالة الفقر المدقع التي يواجهها السكان منذ عودتهم إلى مدنهم انتخابياً، وذلك عبر تقديم وعود بتشغيل أبنائهم أو توزيع مبالغ مالية وسلال غذائية ومستلزمات أخرى مهمة يفتقرون لها.
وهناك خطر يتمثل بتفاهمات بين القوى السياسية المتنافسة في تلك المحافظات، لتقسيم مناطق أنشطتهم تلك، بما يضمن عدم دخول حزب أو مرشح للمنطقة نفسها التي تنشط بها الجهة المنافسة، بسبب ما يصفه أحدهم بعدم ثقتهم بالمواطنين الذين صاروا يستقبلون المساعدات، ويقدمون الوعود بانتخاب كل من يقصدهم.
ويجري ذلك بوتيرة متسارعة، حيث لم يتبق على الانتخابات التشريعية في العراق، سوى أقل من شهرين، بناء على موعدها المحدد في العاشر من أكتوبر/تشرين الأول المقبل.
وعلى غرار عمليات تعبيد وإصلاح الطرق، أو شراء محوّلات الكهرباء للأحياء السكنية، وردم المستنقعات في المناطق التي ينشط فيها مرشحون بالانتخابات بمحافظات ومدن عديدة، بدأت تتسع ظاهرة توزيع المرشحين للانتخابات للسلال الغذائية أو إقامة الولائم في الشوارع والقاعات العامة، وتنظيم ما يعرف بحفلات الزفاف الجماعي.
وتوصف عمليات الاستغلال بـ"البشعة وغير الإنسانية" تلك التي تجري في مناطق واسعة من العراق، خصوصاً في مدن شمالي وغربي البلاد، عبر استغلال حاجة المواطنين من قبل المرشحين.
ويتهم مراقبون المفوضية العليا للانتخابات بعدم قدرتها على رصد المخالفات ومحاسبة مرتكبيها في هذا الإطار.
ويضيف المراقبون أن انتخابات 2021 غابت عنها البرامج السياسية والطروحات الفكرية أو الإصلاحية للقوى السياسية والمرشحين، وباتت تركز على وعود تقديم خدمات يفترض أنها بديهية ومتوفرة في دولة غنية مثل العراق، فضلاً عن كونها وعودا تتكرر في كل انتخابات، تجاوزت حدّها، إلى استغلال حاجة العراقيين لشراء أصواتهم.
وعمل بعض المرشحين على الطلب من مواطنين بعد توزيع الهدايا أو المساعدات أن يقسم بالله أنه سينتخبه، وهناك من طلب من أشخاص الحلف بـ"الطلاق"، بانتخابه، لقاء تشغيل أبنائهم بعقود مؤقتة في إحدى الدوائر الحكومية.
وتتواصل عمليات استغلال معاناة العراقيين من قبل قوى سياسية ومرشحين، لان الفقر في بعض المدن المحررة يتجاوز عتبة الـ50 في المائة، ويعيش الأهالي في ظروف صعبة جداً، والوعود التي أطلقتها الحكومة في بغداد، إضافة إلى المنظمات الدولية، لم يتحقق منها الكثير.
ويعمد بعض المرشحين على تقديم، وجبات غذائية تتضمن دجاجاً ولحوماً في أكياس، مع العلم أن الأهالي لا ينتظرون هذه الوجبات، بل يريدون حلولاً جذرية لأزمات المدن المحررة، من إعمار واهتمام بالخدمات وإيجاد فرص عمل للشباب العاطلين، إضافة إلى تأمين مدنهم من الهجمات الإرهابية التي لا تزال تحدث في بعض الأحيان من قبل فلول تنظيم داعش، والتجاوزات التي تصدر من قبل العصابات المسلحة.
وسبق لمفوضية الانتخابات العراقية التلويح بتطبيق قانون العقوبات ضد القوى السياسية والمرشحين الذين يخالفون نظم الدعاية والحملات الانتخابية، بما فيها استغلال المواطنين وتقديم وعود التوظيف لقاء انتخابهم، لكن لغاية الآن ومع مرور نحو شهر على انطلاق الحملات الانتخابية في العراق، لم يصدر من المفوضية ما يؤكد التوجه لفرض عقوبات أو محاسبة تلك القوى المخالفة، على الرغم من الجدل الذي أحدثته شعبياً في البلاد بسبب تلك المخالفات.