المحايد/ ملفات
بشكل شبه يومي، يسقط عدد من الضحايا مضرجين بدمائهم، في عموم المحافظات العراقية، خصوصاً الجنوبية، نتيجة نزاعات عشائرية.
ولم تفلح العمليات العسكرية المستمرة منذ عام 2003، التي تطلق لملاحقة المطلوبين والمتورطين بدماء الأبرياء، وسحب العتاد الهائل بأسلحة متوسطة وخفيفة وثقيلة، في حسم المعارك بين العشائر المتصارعة على قضايا قد تكون "ساذجة وغريبة وصادمة" أحياناً كثيرة.
40 مليار دينار للصلح
ولعدم جدوى كل اللجان الحكومية والعشائرية والدينية، في الحد من الصراعات العشائرية، كان آخر قرارات تخصيص 40 مليار دينار لإنهاء الفصول العشائرية الخاصة بالنازحين في محافظة صلاح الدين.
وقالت وزيرة الهجرة والمهجرين إيفان فائق جابرو، الخميس الماضي، لوكالة الأنباء العراقية (واع)، إن "زيارة تفقدية أجريت إلى صلاح الدين حسب توجيهات رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، من أجل متابعة احتياجات النازحين".
وأضافت أن "إنجازاً كبيراً تحقق في محافظة صلاح الدين بإغلاق المخيمات ومتابعة العائدين وتوفير كافة احتياجاتهم وتهيئة البيئة المناسبة لهم".
وتابعت جابرو، أن "الوزارة عملت على خطة مع الحكومة المحلية في صلاح الدين، لصالح عودة النازحين الموجودين في مخيم السليمانية، لأن الكثير من العوائل ترغب بالعودة".
وكشفت عن "وجود بعض المشاكل العشائرية التي تعترض عودة النازحين"، مشيرة إلى أن محافظ صلاح الدين سيزور ديوان الوقف السني لنقاش هذا الأمر.
"حل مؤقت"
بدوره، يعلق الشيخ ضرغام الحياني (55 عاماً)، وهو أحد وجهاء قضاء أبي الخصيب في محافظة البصرة، على خطوة الحكومة بالقول: "هذا ليس حلاً، بالعكس ستكون هناك صراعات أكبر في سبيل الحصول على الأموال من الدولة، وسيدخل فيها الفساد بشكل كبير".
ويضيف: "في منطقتنا هُدّمت وحُرقت بيوت وأخرى تم تفجيرها، بسبب صراعات ونزاعات عائلية وعشائرية، فهل يعني هذا أن الدولة ستعوض كل من تعرض لضرر عشائري بينما تترك المدان بلا عقاب؟".
ويؤكد الحياني "يجب تشكيل لجنة خاصة بالصراعات العشائرية في مناطق الجنوب والوسط والمحافظات الغريبة، فهناك دم يجري بشكل يومي، ومناطق تتحول لساحات حرب أمام أنظار القوات الأمنية، التي تتخذ دور المتفرج".
"وحين نطالبهم بالتدخل يقولون (إننا نتلقى توجيهات مستمرة بعدم الخوض في معارك مع العشائر المتصارعة، وسرعان ما يتم الصلح بينهم فيما نفقد عنصراً أو عنصرين إذا قررنا المواجهة)"، يتابع الحياني.
ومن محافظة صلاح الدين، يرى ساطي الخزرجي، وهو أحد وجهاء قضاء بلد، أن "إعلان الحكومة تخصيص 40 مليار دينار لإطفاء فصول عشائرية، حل مؤقت، فالصراع هنا وخارج المحافظة أكبر من ذلك بكثير".
ويقول: "أقترح تشكيل لجنة (المؤلفة قلوبهم)، على غرار ما كان يحدث في صدر الإسلام، والتعامل مع العشائر التي ما زالت تحتفظ بحق الثأر والانتقام من بعضها البعض، كما تعامل الخلفاء الراشدون مع القبائل، وبهذا يمنحون الأموال ويتم الصلح بينهم، على اساس الدية والفصل العشائري".
ويوضح "أمّا تخصيص مبالغ وقتية، فهذا يزيد الأمر سوءاً، خصوصاً أن هناك عشرات الآلاف من القضايا العشائرية بلا حل من شمال العراق حتى أقصى جنوبه".