المحايد/ ملفات
يعاني العراق منذ أكثر من 17 عاماً من الفساد والمحسوبية وغياب الرقابة في أغلب مفاصل الدولة، لا سيما تلك التي تتعلق بالمشاريع الاستثمارية او الخدمية او الحيوية.
ورغم حزمة الإصلاحات التي أطلقها رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، منذ ما يزيد على عام كامل في ملفات وقضايا الفساد والمشاريع المتلكئة منذ فترات يصل بعضها إلى أكثر من 10 سنوات، ما زالت البلاد تشهد تعثراً في تنفيذ آلاف المشاريع التي تصل قيمتها إلى عشرات مليارات الدولارات.
ويعزو مراقبون أسباب ذلك إلى الفساد بالدرجة الأولى، إضافة إلى غياب آليات لمحاسبة الشركات المتلكئة.
وفي وقت سابق، أقرّت لجنة الخدمات في البرلمان، باستمرار مشكلة المشاريع المتلكئة التي لم تُنجَز في قطاعات عديدة، منها الصحة والمياه والكهرباء، ومشاريع في البنى التحتية في المدن الرئيسة، ولا سيما العاصمة بغداد.
وأضافت أن الفساد سبب رئيسي في تلكؤ المشاريع بشكل عام، ويبدأ من إحالة تلك المشاريع لشركات ضعيفة.
وتابعت اللجنة في بيان لها، أن الحكومة السابقة أكدت أن نسبة الهدر في المال العام بلغت أكثر من 300 مليار دينار عراقي (نحو 200 مليون دولار) جراء المشاريع المتلكئة التي أحيلت على شركات غير قادرة على إنجازها.
وكانت حكومة عادل عبد المهدي التي أسقطتها تظاهرات تشرين، قد شكلت "المجلس الأعلى لمكافحة الفساد" لمتابعة مختلف القضايا، ومنها الهدر بسبب المشاريع المتلكئة، الا أنه لم ينجز شيئاً في هذا الملف.
وأفادت مصادر حكومية بأن المشاريع المتلكئة في العراق تتجاوز ثمانية آلاف مشروع، أغلبها يتعلق بقطاعات خدمية مثل الصحة والتعليم والمياه والكهرباء والإسكان والجسور، فضلاً عن مشاريع في القطاع الزراعي والصناعي.
وتضيف المصادر أن "بغداد والبصرة وبابل وذي قار وديالى احتلت في السنوات العشر الأخيرة الصدارة في عدد المشاريع المتعثرة أو غير المكتملة التي أحيلت على الشركات العراقية أو شركات إيرانية.
وأشار إلى أنّ قيمة المشاريع تبلغ عشرات مليارات الدولارات، وتتمثل بخسارة العراق أنه دفع مقدمات مالية للشركات بواقع يصل إلى 50 و60 بالمائة من دون أي إنجاز".
وأكدت المصادر نفسها، أنه تم "وضع أكثر من 600 شركة محلية في القائمة السوداء خلال الفترة الماضية، لكن هناك الكثير من الشركات تلاشت مع أصحابها، وباتت خارج العراق".
فيما اعتبرت أن حكومة نوري المالكي أكثر الحكومات إحالة للمشاريع التي لم تنفذ إلا على الورق.
وتزدحم البلاد بالمشاريع المتلكئة منذ سنوات لأسباب مختلفة، منها الإحالة على شركات غير كفوءة، وغير قادرة على إكمال المشاريع، فضلاً عن الأزمة المالية التي ضربت البلاد ونتج منها توقف كثير من المشاريع.
وتتحمل الشركات المنفذة المسؤولية الأكبر في التأخير، فضلاً عن مسؤولية المؤسسات الحكومية المعنية التي لا تتابع إنجاز المشاريع.
وسبق أن انتقد نواب وسياسيون عدم وجود إجراءات للمحاسبة في ما يتعلق بالتلكؤ عن تنفيذ المشاريع، بسبب الفساد الذي يُعَدّ أحد أخطر الصعوبات التي تنخر مؤسسات الدولة العراقية، وأشاروا إلى أن مشاريع السكن تتصدر المرتبة الأولى بانتشار الفساد فيها من بين قطاعات البلاد الأخرى.
وتعد أزمة تلك المشاريع أحد أبرز وجوه الفساد في العراق، وقد تكون الأولى من ناحية ضياع مبالغ كبيرة للغاية.
بالمقابل فإن غالبية الشركات التي أحيلت عليها المشاريع، كانت تابعة لأحزاب، أو مدعومة من سياسيين نافذين، أو مرتبطة بمسؤولين في الحكومة، لذا لم تخضع للتقييم الفني، ولا حتى القانوني.
وترتب عن تعثر آلاف المشاريع هدر مالي بعشرات المليارات من الدولارات في مشاريع تتعلق بالبنى التحتية والإسكان والطرق والمشاريع المتعلقة بتوفير المياه.