المحايد/ ملفات
مع إعلان الولايات المتحدة الأمريكية، سحب قواتها من العراق نهاية العام الحالي، برز الدور الفرنسي داخل بغداد، من خلال زيارتين أجراها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى العراق في أقل من عام واحد.
الرئيس الفرنسي، الذي زار العراق لفترة وجيزة في 2 كانون الأول 2020، قبل زيارته الأخيرة، يريد "إظهار الدعم للدور المحوري للعراق ، ومكافحة الإرهاب وتنمية البلاد ، والمساعدة في تخفيف التوترات"، كما توضح الرئاسة.
ويقول أحد المستشارين إن "فرنسا حريصة على مواصلة هذه المعركة في العراق وفي أماكن أخرى لتجنب عودة ظهور داعش المحتملة، بينما تزود باريس العراق بالدعم العسكري، وخاصة الجوي، بمعدل 600 رجل في الموقع".
وأوضح ماكرون خلال مؤتمر صحفي أعقب مؤتمر "بغداد للتعاون والشراكة" قائلا: "قواتنا باقية في العراق ما دام يريد ذلك بصرف النظر عن موقف واشنطن".
وقبيل ذلك صرح ماكرون في كلمته خلال مؤتمر "بغداد للتعاون والشراكة" في العاصمة العراقية بغداد قائلا: "نحن هنا لتعزيز سيادة العراق وأمنه المستدام".
وقبل كلمة ماكرون، قال الرئيس العراقي برهم صالح، إن "فرنسا شريك أساسي للعراق في محاربة الإرهاب"، وذلك خلال مؤتمر صحفي جمعه بالرئيس الفرنسي على هامش المؤتمر.
وربط المراقبون للمشهد العراقي، بين التمدد الفرنسي وبين الإشارات الميدانية والسياسية التي تصدر وتشير إلى انسحاب وتراجع أميركي عن الاهتمام بالعراق، ولو بشكل نسبي.
ويشير المراقبون إلى "اللحظة التأسيسية التي شكلتها قمة بغداد لمثل هذا التوجه الفرنسي نحو العراق، بالذات من حيث تصريحات الرئيس ماكرون أثناء القمة، التي قال فيها: "فرنسا ستُبقي قواتها في العراق، في إطار عمليات مكافحة الإرهاب، ما دامت الحكومة العراقية تطلب ذلك، سواء قررت الولايات المتحدة سحب قواتها، أو لا".
وقال الباحث العراقي في مركز فينيسيا للدراسات، سِنان الوكيل: "كان لافتا أن الرئيس الفرنسي هو أول المؤكدين لحضورهم في مؤتمر بغداد. كما أن برنامج زيارته امتد لزيارة إقليم كردستان ومدينة الموصل".
وتابع: "الأجندة التي تطرحها فرنسا من خلال هذا المؤتمر هي التهدئة السياسية في الملفات التفصيلية، مقابل سعي فرنسا لرسم خريطة طريق تعمل على خلق توافقات سياسية داخلية عراقية، تستطيع أن تهدأ الأوضاع داخل العراق، مستفيدة من مساهمة إعادة الإعمار في خلق إعادة فرصة في تلك التهدئة. فهذا المؤتمر كان أساسا بدفع ودعم فرنسي، لذا ستحاول الاستفادة منه لخلق مكانتها الاستراتيجية داخل العراق".
والمعلومات التي تسربت عن أروقة المحادثات الفرنسية العراقية على هامش القمة، ذكرت أن هناك 3 روابط أساسية تحاول فرنسا نسجها مع العراق، فالشركات الفرنسية ستحصل على عقود كبرى في ملف تأسيس "مترو بغداد"، وهو المشروع المدني الذي تفوق تكلفته حتى ميناء الفاو الاستراتيجي.
وتحرص فرنسا على زيادة مبيعاتها من الأسلحة إلى العراق بمقدار 3 أضعاف خلال السنوات الخمس المقبلة، من خلال بيع طائرات رافال العسكرية الفرنسية الشهيرة، أما الملف الثالث فيتعلق بمزيد من الانخراط الفرنسي في قطاع النفط والطاقة العراقيين.
وفي السياق، أشارت مصادر سياسية عراقية رفيعة إلى "مساع فرنسية مستقبلية لضبط التدخل العسكري التركي في الأراضي العراقية، لافتة إلى أنه "تم الخوض في هذا الموضوع مع الجانب التركي".
أما الناشطة والباحثة في المركز الفرنسي للدراسات الشرقية، رندا نداف، فقد قالت: "ثمة فارق هائل بين أن تكون هذه مجرد محاولات فرنسية ممثلة لنفسها، أم أنها جزء من التوجه الاستراتيجي الأوروبي، فما يجري في العراق من سوء الاستقرار يمس الأمن القومي الأوروبي بكامله، وسيتضاعف ذلك التأثير فيما لو عزلت الولايات المتحدة نفسها بشكل متزايد".