المحايد/ مجتمع
"البصرة تفقد ملامحها شيئاً فشيئا، من العشوائيات إلى النزاعات العشائرية، وملاحقة أصحاب الرأي، وصولاً لحملة التشويه التي تتعرض لها عبر بعض المواقع والقنوات بطريقة مدروسة أو غير مدروسة"، يقول المواطن البصري شوقي حسن القبطان.
ويضيف حسن (64 عاماً)،: "هذه ليست البصرة التي كانت واحدة من أهم المراكز التجارية والثقافية على مر التاريخ".
"وفي بلدان العالم التي كنت أجوبها أثناء عملي في بواخر النفط، كان للبصرة صدى كبير لدى الشعوب خصوصاً العربية منها والخليجية"، يتابع حسن.
ويأتي حديثه تعقيباً على ما يحدث بين حين وآخر، من عرض لقاءات مع شخصيات مثيرة للجدل عبر قنوات فضائية أو اليوتيوب، تصل الحوارات معها أحيانًا إلى التنمر والسخرية والعنصرية.
"هوس الطشة"
من جهته، يرى الأكاديمي قاسم محمد حبيب القريني، أن "انتشار البرامج والصفحات والمواقع والقنوات الإعلامية بطريقة عشوائية ودون رقابة، يضر كثيراً بالمدن والمحافظات التي تنطلق منها، ويسيء بطبيعة الحال إلى ساكنيها".
ويقول: "هناك برامج تمول من قبل تجار وشخصيات سياسية لأهداف دعائية، ودائماً يحاول القائمون على تلك البرامج والصفحات والقنوات الإعلامية، استقطاب أكبر عدد من المتابعين، وذلك عبر استضافة شخصيات (مثيرة للجدل)، تتناول خلال اللقاءات أسماء وشخصيات أخرى، بطريقة مسيئة، مليئة بالتنمر والعنصرية".
ويتابع حبيب، وهو من البصرة أيضاً: "وبالفعل، يحصل الممولون على فائدة كبيرة من تلك البرامج، عبر المشاهدات المرتفعة التي تحققها، إذ تزيد أرباحهم بزيادة الإعلانات المطروحة خلالها".
ويصف ما يحدث بـ"هوس الطشّة" (الشّهرة)، قائلاً "لقد أصاب الكثير من أصحاب المشاريع والأموال والشخصيات المحسوبة على الإعلام والفن العراقي".
.
التأثير السياسي
في نفس السياق، تقول الباحثة في علم الاجتماع سهام موسى، إن "مجتمع محافظة البصرة، مثل باقي المجتمعات العراقية، إذ تأثر بشكل كبير بالمتغيرات السياسية والاجتماعية الحاصلة، خصوصاً بعد عام 2003".
وترى أن "عدم وجود رقابة صارمة على وسائل التواصل الاجتماعي والقنوات الفضائية والمنتديات الإلكترونية، ضاعف من تنامي ظاهرة الطشة والبحث عنها، بأي وسيلة كانت".
وتضيف موسى، أن ما يحصل في البصرة، "يعكس بشكل مباشر، ما يدور في عالم السياسة من تناقضات وولاءات وفوضى أمنية وسياسية".
"ومع وجود تجار وأصحاب منافع اجتماعية يبحثون عن المزيد من النفوذ والكسب الجماهيري، فإن البصرة مهددة بانقسام اجتماعي كبير، بسبب ما تحتويه تلك البرامج من إساءات مباشرة لأصحاب البشرة السمراء والمعاقين وقصار القامة، وغيرها من الفئات المجتمعية المهمشة والمنسية حكومياً واجتماعياً"، تتابع موسى.
وتدعو المنظمات المدنية والمؤسسات الحكومية والسلطات الأمنية والحكومة المحلية في البصرة، بالإضافة لهيئة الإعلام والاتصال، إلى "لعب دور أكبر للحد من تنامي البرامج المسيئة، التي عادة ما يكون معدّوها وممولوها بعيدين كل البعد عن الأكاديمية الإعلامية".
وفي ختام حديثها، حذرت موسى من "غياب بصرة بدر شاكر السياب وسعدي يوسف وسيتاهوبيكان والقامات العلمية والفنية والثقافية الأخرى، وحصرها بعدد من الأسماء الدخلية على ثقافة البصرة"، حسب تعبيرها.