المحايد/ ملفات
تشكو النساء العاملات بمهن عدة في العراق من عدم مراعاتهن في الحقوق مقارنة بالرجال العالمين بنفس المجالات.
وأقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة، بتاريخ 18 ديسمبر عام 2019، إعلان يوم 19 سبتمبر من كل عام، يوماً عالمياً للمساواة في الأجور.
ونصّ قرار الجمعية العامة على أن يقام أول احتفال بيوم المساواة في الأجر، عام 2020 الماضي.
تقول ليلى حسن (63 عاماً)، "تقاعدت قبل سنوات عدة، بعد العمل في شركات ومؤسسات أهلية مدة 40 عاماً".
"وفي كل مؤسسة أنتقل لها أجد عدم وجود مساواة في الأجر بين المرأة والرجل، إلا في بعض المؤسسات الإعلامية، هناك مراعاة لوجود المرأة وهذا يعود لطبيعة المؤسسة التي ترى أن المرأة واجهة لها"، تضيف حسن .
وتتابع: "طوال فترة عملي بمختلف المجالات في العراق، كنت شاهدة على ما تتعرض له المرأة العاملة من عدم مساواة في الأجر، خصوصاً في المؤسسات ذات الطابع الربحي مثل الفنادق والمطاعم ومراكز التسوق".
وتبين، التي ترأس نقابة للنساء العاملات: "بعد 2003 تغير وضع المرأة العراقية قليلاً، من ناحية العمل، فقد أصبحت لديها الجرأة الكافية للمطالبة بمساواتها مع الذكور، خصوصا اللاتي يؤدين ذات المهام".
أما سبب عدم خشية المرأة العاملة من المطالبة بحقها، فيعود، وفق حسن، لطبيعة النظام السياسي بعد 2003 الذي نشأ فيه جو من الديمقراطية وإن كانت في بدايتها.
ومقارنة بما كان عليه الحال قبل 2003، "لم تكن المرأة تجرؤ على المطالبة المطالبة بحقها، خشية أن يُفسّر ذلك بشكل يضر بها شخصياً"، كما تقول حسن.
"صارت ماضياً"
جنان هاتف، (53 عاماً) المسؤولة عن شعبة خاصة بالنساء العاملات في فندق "الجواد" بمحافظة النجف، تقول: "بعكس بغداد العاصمة، ما زالت المرأة العاملة في المحافظات الجنوبية تعاني من عدم مساواتها في الأجر".
وتضيف أنها ومنذ بلوغها الثامنة عشرة، تعمل في مجالات عدة، عانت فيها الكثير، من عدم المساواة في الأجور، خصوصاً في أماكن عملها بالنجف.
وتوضح هاتف: "المسؤولون يتحججون بأن النساء كثيرات الأخطاء، وقليلات التدبير، ويعانين من أوضاع شهرية تعكس سلباً على أدائهن، كما أنهن يطلبن إجازات شهرية باستمرار".
"وهذا الكلام نفسه يتردد منذ تسعينيات القرن الماضي، بين أصحاب الفنادق ومالكي المدارس والروضات الأهلية ومعاهد التعليم الخصوصي بمحافظة النجف وغيرها من المناطق، لكنه غير صحيح تماماً"، تتابع هاتف.
من جهتها، تقول سندس عبدالحسين، وهي مديرة إحدى فروع مصرف "الرافدين" في بغداد: "هناك بالفعل عدم مساواة في فرص العمل والأجور بين الرجال والنساء، والسبب طبيعة المجتمعات الشرقية، التي ترى في المرأة كائناً ضعيفاً لا يستطيع التعامل مع المتغيرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية الحاصلة".
وترى أن هذه الادعاءات "غير صحيحة"، لأن النساء في العراق والعالم بشكل عام "يضاهين الرجال في إدارة المناصب وتطوير طرق التنمية والمشاركة السياسية والاقتصادية الفاعلة" وفق تعبيرها.
وتقول إن المساواة في الأجور "حق" وعلى الجميع "تفهّم"، فصورة "المرأة ضعيفة" صارت ماضياً.
وفي دراسة أعدتها الباحثة العراقية داليا حسن، للبنك الدولي عام 2013، ورد أن معدل الإعالة العمرية على مستوى العراق الذي بلغ 80%، يؤشر ارتفاعا كبيراً عند المقارنة مع الدول العربية المجاورة.
ويعود سبب هذا الارتفاع إلى أن 41 % من مجموع السكان تقل أعمارهم عن 15 عاماً، و3.3 % أكبر من 64 عاماً، مايؤشر على وجود نحو 44 % خارج قوة العمل، بالتالي يؤثر هذا بشكل مباشر على ارتفاع معدل الإعالة العمرية، وفق الدراسة.
وجاء فيها، أن نتائج توزيع الإعالة العمرية حسب مستويات المعيشة (العَشرية)، أظهرت تبايناً في معدل الإعالة، حسب هذه المستويات.
كما يظهر تباين بين معدلات الإعالة العمرية حسب جنس رب الأسرة، إذ تنخفض عند الأسر التي ترأسها نساء مقارنة بالتي يرأسها رجال.
وتضيف الدراسة، أن معدل الإعالة للفئة الأغنى انخفض بمقدار يزيد عن 60% مقارنة مع الفئة الأفقر، وهذا التفاوت يدل على وجود فجوة بين الفقراء والأغنياء، حيث تبين معدلات الإعالة العمرية للأسر الفقيرة أن لكل 100 فرد منها بسن العمل (64-15) سنة، تعيل117 فرداً ممن تقل أعمارهم عن 15 سنة وأعلى من 64 سنة).
وفي نفس الاتجاه للأسر الغنية، فإن لكل 100 فرد من الأسر الغنية بسن العمل، تعيل 45 فرداً أعمارهم أقل من 15 سنة وأعلى من 64 سنة.
والسبب الرئيسي لهذا الاختلاف، حسب الدراسة، يعود لارتفاع حجم الأسر الفقيرة مقارنة بالأسر الغنية، بنسبة (1:2) بمعنى أن أسرة فقيرة عدد أفرادها 8 أفراد تقابلها أسرة غنية عدد أفرادها أربعة.
قانون العمل
فيما يخص قانون العمل الذي صوت عليه مجلس النواب سابقاً، يقول الباحث الاقتصادي أرشد ياسين، إن "القانون شمل جميع العمال في جمهورية العراق، ما يعني شموله العمال في القطاع الخاص والمختلط والتعاوني، إضافة إلى العمال (المتعاقدين وأصحاب الأجور اليومية) في القطاع العام (غير المعينين وفق قانون الخدمة المدنية)، وهذا يفتح أفقاً كبيرا في تغطية شرائح عمالية كبيرة لم يعالجها القانون السابق".
ويضيف ياسين "لأول مرة في العراق يوجد قانون يمنع التمييز في الاستخدام والمهنة والعمل الجبري والتحرش الجنسي في العمل، ويعاقب من يرتكب مخالفات بهذا الخصوص، كما يسمح بالتفاوض الجماعي وحق الإضراب بعد مصادرة هذا الحق منذ عام 1987".
ويؤكد أن القانون غطى أيضاً وبشكل شامل حقوق المرأة العاملة، ومنح إجازة حمل ووضع قدرها 98 يوماً بأجر تام بعد أن كانت 72 يوماً، وهذا أعلى مما هو عليه في القطاع العام.
ويستدرك ياسين قائلاً "لكن ومنذ إقراره قبل سنوات، نادراً ما يتم تطبيقه بشكله الصحيح، في مختلف مؤسسات الدولة والقطاعات الخاصة والمختلطة، لتبقى المرأة (خصوصا الجاهلة بحقها القانوني أو المضطرة للعمل)، تعاني من استلاب حقها وعدم مساواتها بالأجر مع بقية العاملين".