باب جديد لنهب أموال الموظفين.. قانون الضمان الصحي الجديد وابتزاز الناس!
سياسي 25-09-2021, 12:01
مشاركة عبر:
المحايد/ ملفات
أعاد قانون الضمان الصحي للموظفين، بشأن تسديد نسبة شهرية من رواتبهم وبشكل إجباري، فتح النقاش من جديد حول التدهور الحاصل في النظام الصحي ومدى جودته، هل هناك بالفعل ضمانات حكومية؟ وهل تمثل الاستقطاعات التي سيسددها الموظفين، حرصا على صحتهم؟ أم أنه يمثل استنزافاً جديداً لقوت الشعب ومدخراته المالية؟
وأعلنت الحكومة عن تنفيذ قانون الضمان الصحي في العراق، والذي أقره مجلس النواب في عام 2020، في 15/ أيلول العام الحالي 2021.
وبحسب القانون الجديد، فإنه سيتم استيفاء مبالغ من الدرجات الخاصة بنسبة 2.5 في المئة واستيفاء نسبة 1 في المئة من الراتب الكلي لموظفي الدولة الآخرين ومن يقابلهم في القطاع الخاص.
كما ينص القانون على شمول بعض الشرائح مجاناً بالضمان الصحي، وهم أحد الزوجين غير الموظف وأبناء الموظف حتى 21 سنة والمستمرون بالدراسة منهم لغاية 24 سنة، والبنات العازبات والنساء المطلقات والأرامل من غير الموظفات.
وتقدم الخدمات المجانية بموجب القانون الجديد لكل من مرضى السرطان والمصابين بالأمراض النفسية والعقلية وأمراض الدم الوراثية وعجز الكلى والتخلّف الذهني وأصحاب الاحتياجات الخاصة من الأجهزة الأمنية بأصنافها كافة، والذكور غير الموظفين ممن تجاوزت أعمارهم 60 سنة، والإناث غير الموظفات ممن تجاوزت أعمارهن 55 سنة والأطفال دون سن الخامسة.
ويثير قانون الضمان الصحي الجديد رغم امتيازاته المعلنة، مخاوف من عدم تنفيذ القانون على أرض الواقع، مما يعني ضياع الأموال التي سيتم استقطاعها من الرواتب، خاصة في ظل ارتفاع قيمة صرف الدولار الأمريكي وغلاء الأسعار في السوق المحلية.
وتنتقد أحلام ناصر (49عاماً)، وهي موظفة حكومية، القانون الجديد، إنه "سيوفر غطاء قانونيا لفساد جديد".
وتضيف أن "الموظف لا يثق بقوانين وقرارات الحكومة، وخاصة تلك التي تتعلق بالاستقطاعات المالية من رواتبه الشهرية، لأنه لا يعلم في كثير من الأحيان الجهات التي تقوم بذلك ولماذا".
وارتفعت نسبة الفقر في العراق بين سبعة و14 في المئة، بعد قرار الحكومة العراقية خفض قيمة الدينار وما رافقه من ارتفاع في أسعار المواد الغذائية، بحسب ترجيحات تقرير صادر عن الأمم المتحدة.
وقال التقرير، الذي اشتركت في إعداده منظمة الأغذية والزراعة "الفاو" وبرنامج الأغذية العالمي والبنك الدولي، إن قرار خفض قيمة العملة المحلية سيؤدي على المدى القصير إلى زيادة أعداد الفقراء في البلاد بين 2.7 مليون و5.5 مليون عراقي.
وأضاف التقرير أن هذه الأعداد ستضاف إلى نحو 6.9 مليون عراقي موجودون أصلا قبل اندلاع أزمة جائحة كورونا. وتشير ناصر إلى أنه بدلاً من انشغال البرلمان العراقي والحكومة في تخليص الشعب من ارتفاع سعر صرف الدولار الذي أثر بشكل كبير على حالتنا المعيشية نتفاجأ باستقطاعات جديدة تقلل من قيمة الرواتب الشهرية.
المنظومة الصحيةويعيد قانون الضمان الصحي الجديد إلى الواجهة، معاناة عاشها وما زال يعيشها الفرد العراقي خلال الأعوام الماضية، بشأن انهيار المنظومة الصحية، كما يعكس المزيد من التحديات بشأن قدرة الفرد على تلقي خدمات الرعاية الصحية اللازمة.
وتُقدر كلفة الرعاية الصحية للفرد العراقي ما بين 154 إلى 161 دولاراً سنوياً، وفقاً لمؤشرات البنك الدولي، وترتفع في أفضل مستويات التفاؤل، النادرة والقياسية، إلى 239 دولاراً بحسب مؤشر (The Global Economy).
لكن التقارير المالية لوزارة الصحة تؤكد أن ما يُصرف فعلياً على المواطن سنوياً هو 166 ألف دينار فقط، أي أقل من 120 دولاراً.
يخصص العراق أقل من 4.5 في المئة سنوياً من موازناته على القطاع الاستشفائي، يذهب نصفها كموازنة تشغيلية، فيما النصف الآخر يخصص لشراء أدوية، ودفع ديون شركات، فضلاً عن النقص الشديد في توفر العلاجات الأساسية المدرجة للتداول في العراق وعددها 3000 مستحضر دوائي، من بينها 1166 مستحضراً مُقرّة الاستعمال حكومياً، من ضمنها 531 دواء أساسياً منقذاً للحياة وللأمراض المزمنة والسرطانية.
الفساد المالي والاداري
ويرى الناشط الحقوقي أكرم عباس أن الكثير من التدابير والإجراءات وحتى الخطط المتخذة في إدارة المنظومة الصحية أمثلة على الفساد المالي والاداري اللذان استشريا في هذه المنظومة لتتجاوزا القوانين والصلاحيات.
ويقول عباس إن "تزايد الأخطاء الطبية والإهمال ونقص العلاجات والخدمات المقدمة دفع إلى عدم قدرة جميع أفراد الشعب على تلقي الرعاية الصحية اللازمة في المستشفيات والمراكز الحكومية".
ويثير الناشط مخاوف من أن يصبح قانون الضمان الصحي الجديد عرضة للاستغلال ما لم يتم اصلاح المنظومة الصحية والحد من الفساد الذي أدى إلى انهيارها.
ويضيف أن "الأكثر إثارة للقلق هي الاستقطاعات الشهرية للموظف. فهي كثيرة ولا تتناسب مع الحالة المعيشية". ويشير عباس أيضا إلى أن تنفيذ العمل بقانون الضمان الصحي الجديد هو في وقت ليس مثاليا أو مناسباً في ظل الازمات الصحية التي تعيشها البلاد بسبب أزمة تفشي وباء كورونا.
وكان نقيب الأطباء العراقيين جاسم العزاوي قد كشف في وقت لاحق عن أبرز الصعوبات التي تواجه نظام الضمان الصحي هو "تخلف" هذا النظام في العراق سواء في القطاعين العام والخاص، ما يصعب تقديم خدمة صحية جيدة وكذلك الحاجة إلى حملة توعية على أهمية الضمان الصحي، فضلاً عن أن القانون يتضمن إنشاء صندوق توضع فيه أموال المشتركين بالنظام والتخوف من أن تطالها أيدي الفاسدين.