المحايد/ ملفات
تكلف الانتخابات النيابية في العراق ملايين الدولارات كل 4 سنوات، فيما يتحدث مراقبون عن وجود أوجه عديدة للفساد وظفتها أحزاب سياسية لصالحها من خلال منح المناصب المهمة فيها لصالح شخصيات يتحكمون بها، كما يرى الباحث السياسي باسم قاسم.
وقبل أيام، خضع عضو مجلس المفوضين السابق مقداد الشريفي للتحقيقات من قبل لجنة مكافحة الفساد، بعد اعتقاله داخل مطار بغداد الدولي قبل سفره خارج العراق، لكن الشريفي أعلن بعد أيام عبر صفحته في موقع "فيسبوك"، عن إطلاق سراحه.
وبحسب مصادر، فإن "الشريفي جرى اعتقاله وفق مذكرة قبض رسمية حصل عليها الفريق أول ركن أحمد ابو رغيف رئيس لجنة مكافحة الفساد بعد توجيه اتهامات بالفساد المالي والتزوير أثناء عمله في مفوضية الانتخابات".
وخلال عام 2018، أحال القضاء العراقي خمسة مسؤولين من مفوضية الانتخابات المقالة للمحاكمة لتورطهم في مخالفات وفساد خلال الانتخابات البرلمانية التي جرت بنفس العام.
وقتها، أعلن المتحدث الرسمي لمجلس القضاة المنتدبين القاضي ليث جبر حمزة في بيان أن المجلس قرر تنفيذ توصيات اللجنة الوزارية "المتضمنة اتخاذ الإجراءات القانونية بخصوص عزل مدراء مكاتب صلاح الدين والأنبار وكركوك إضافة إلى مديري مكتبي الأردن وتركيا، وإحالتهم إلى القضاء".
وينبه إلى أن "الأرقام الحالية التي أعلن عنها مستشار رئيس الوزراء لشؤون الانتخابات مبالغ بها جداً مقارنة مع طبيعة الانتخابات في العراق".
وكشف مستشار رئيس الوزراء لشؤون الانتخابات عبد الحسين الهنداوي، عن تقديرات المفوضية لتكلفة اجراء الانتخابات، مؤكدا السعي لتثبيت موظفي العقود في المفوضية.
300 مليون دولار
ووفقاً لتصريحات أدلى بها الهنداوي، فإن تكلفة الانتخابات العراقية المقبلة بلغت نحو 300 مليون دولار.
وبين الهنداوي، أنه "رغم التخصيصات المالية إلا أن هناك أكثر من 5 آلاف موظف بصفة عقد في المفوضية العليا للانتخابات ينتظرون تثبيتهم على الملاك الدائم".
موضحا أن "حكومة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي طلبت من المفوضية العليا المستقلة للانتخابات تخفيض التقديرات إلى النصف".
ولفت جبر إلى أن "مجلس المفوضين اتخذ قراره بعد إن أوصت اللجنة التحقيقية بذلك بسبب ارتكابهم مخالفات وتلاعب وفساد مالي
هذا الجهاز "أثبت فشله من خلال عدم قراءة البصمة للكثير من خلال الناخبين بسبب المعلومات المخزنة فيها"، فضلا عن مشاكل في أجهزة "صندوق التصويت...
ستكون مختلفة
وفي أيلول الماضي، أكد مجلس المفوضين في المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، أن انتخابات تشرين المقبلة "ستكون مختلفة".
وذكر رئيس مجلس المفوضين القاضي جليل عدنان خلال اجتماعه بسفير مملكة هولندا في العراق، أن "هناك جملة من العوامل ستجعل من انتخابات تشرين مختلفة هذه المرة، على مستوى قانون الانتخابات والنظام الانتخابي وحتى علاقة المفوضية بالشارع العراقي والاستماع لأصواته، فضلاً عن وجود مجلس مفوضين جديد من القضاة المستقلين".
مصادقة رئيس مجلس الوزراء على توصياتها وإحالة عدد منهم للقضاء".
ابتلاع المفوضية
في حديثه لموقع، يقول الباحث في الشأن السياسي باسم سليم، أن "الأحزاب السياسية انتهجت منذ سقوط نظام صدام حسين سياسية ابتلاع المؤسسات والوزارات والهيئات المستقلة".
ويضيف، "يرى المتابعون للشأن العراقي أن أكبر محاصصة ممكن أن تحدث هي داخل المؤسسات المستقلة، وأن الفساد الأكبر يمكن إخراجه من هيئات ولجان النزاهة، كونها دائرة مصغرة وورشة عمل للأحزاب، وهذا ما تؤكده الأرقام والأدلة الموجودة لدى القضاء وأجهزة الأمن العراقي".
وبخصوص عمل مفوضية الانتخابات يشير الباحث السياسي، إلى أن "القوى السياسية ونتيجة الضغط الشعبي، حاولت التخلي شيء ما عن المحاصصة السياسية في مجلس المفوضين الحالي الذي لديه مهمة صعبة وهي إنجاح الانتخابات المقبلة، لكن الفساد المالي بقي كما هو".
ويلفت سليم إلى أن "الأحزاب السياسية ابتلعت المفوضية، لتتمكن من تسييرها وفق إراداتها ورغباتها كل دورة انتخابية، وهذا ما أكدته انتخابات 2018 التي لا يتخلف اثنين على أنها من أسوأ الانتخابات التي شهدها عراق ما بعد 2003".
ويقول المختص بالحسابات المالية وأنظمة المؤسسات ناظم رمزي، أن "كلفة الدعاية الانتخابية للمرشحين في كل دورة انتخابية يجريها العراق هي الأعلى مقارنة بدول العالم، كما أن تخصيص مئات الملايين من الدولارات كل 4 سنوات يكشف حجم الفساد المالي داخل مفوضية الانتخابات".
ويتابع، "بحسب المختصين والعاملين بالإدارة المالية، فإن تكلفة الانتخابات يجب أن تكون أقل كل أربع سنوات، لأن المؤسسات تكون قد استوفت المستلزمات اللوجستية المستخدمة في كل عام".