المحايد- بغداد
"على البنايات المدمرة والمتهالكة، التي استخدمها تنظيم داعش لإعدام المدنيين، وعلى أكوام الأنقاض والخرائب، وضع مرشحو انتخابات تشرين لافتاتهم الدعائية، في مشهد مستفز، يكشف بصورة أو بأخرى أن السياسيين كانوا ولا زالوا يستمدون نفوذهم ويعظمونه من خلال معاناة الناس"، يقول يحيى طاهر الشاب الموصلي.
وتستعد المحافظات العراقية، لإجراء الانتخابات المبكرة، المقررة في العاشر من أكتوبر، فيما ينتشر العشرات من المراقبين التابعين للأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والسفارات والمنظمات العربية وغيرها، في عموم البلاد لمراقبتها، بهدف إنجاحها، كونها تمثل انتخابات "مصيرية" جاءت بعد احتجاجات شاملة خلفت مئات القتلى والمصابين.
وعبر مواقع التواصل الاجتماعي، تناقل ناشطون ومواطنون من محافظة نينوى، صوراً لعدد من مرشحي المحافظة استغلوا البنايات المدمرة والمتهالكة، لرفع دعاياتهم وصورهم الانتخابية من خلالها.
يقول الناشط يحيى طاهر، 30 عاماً، "في الموصل القديمة، وفي جانبيها الأيسر والأيمن، يدرك السكان تماماً، أنهم ليسوا سوى وقوداً للمزايدات السياسية والانتخابية، وأنهم بتضحياتهم الجسام قبل وبعد حرب التحرير من تنظيم داعش، تحولوا إلى أرقام بعيون السياسيين يدارون بها نفوذهم كيفما شاءوا".
ويتابع: "في الكروبات الخاصة بسكان المناطق المدمرة بالموصل، هناك يأس واحباط شديدين، من جراء ما تعرضوا له، وما يتعرضون له من تهميش واقصاء ومظلومية كبيرة، ومتاجرة بمعاناتهم".
أوس الربيعي، الأخ لقتيلين من حي المعلمين بالمحافظة، يقول "زارنا مرشحون عدة، عن مختلف القوائم والأحزاب والتحالفات، وقدموا لنا تعهدات بأن الوضع في الموصل سيختلف في الدورة الانتخابية المقبلة".
"وحين يخرجون، ويضعون لافتاتهم الدعائية على أنقاض الموصل، ومبانيها المدمرة، ندرك أنهم مثل من سبقوهم، مع قلة قليلة ضائعة، ممن يريد أن يعمل للموصل الحدباء فعلاً، ويعيد لها ألقها الغارق في بحر الفساد والإرهاب وتبعاته".
وبعد إعلان النصر على داعش، وتخليص أهالي نينوى من الإرهاب، خصصت الحكومات المتعاقبة، والمنظمات الدولية، المليارات من الدولارات، لإعادة إعمار مدينة الموصل ومناطق نينوى، ورغم الزيارات الهامة التي أجراها البابا فرنسيس والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، إلا أن شيئاً لم يحدث سوى بعض التحركات الحكومية، التي لم تغير شيئاً في حجم الدمار الكبير الذي لحق بنينوى من جراء عمليات التحرير، منذ عام 2014 وحتى الآن.
أمل بالجيل الجديد
وخلال حوار مع عدد من أهالي مدينة الموصل، قال عدد من سكنة المدينة "لن ننتخبهم، أولئك الذين رفعوا صورهم ودعاياتهم الانتخابية فوق المباني المدمرة، دون أن يكون أي موقف لهم تجاه ما يحدث لنا".
وقال خطاب عمر، "هناك مرشحون، جهزوا أنفسهم بالفعل لخدمة أهالي نينوى والموصل القديمة، وسكان المناطق يعرفونهم، سنسهم في صعودهم إلى البرلمان، رغم أن حظوظهم ضعيفة كونهم مستقلين لا ينتمون للجهات الحزبية الكبيرة".
وأضاف "هناك أمل لدى أهالي الموصل، بالجيل الشبابي الصاعد، الذي يعرف جيداً ما تحتاجه الموصل، وقد عاشوا الحرمان والنزوح، وكانوا شهود عيان على ما تعرضنا له خلال حرب التحرير من تنظيم داعش، حتى لو لم يحالفهم الحظ في الدورة المقبلة، سيكون لهم حضور فاعل، في ايصال مظلوميتنا خلال السنوات المقبلة".
ووفقاً لأرقام كشفتها، الأمم المتحدة، فإن هناك نحو 3 آلاف منزل مهدم في مدينة الموصل القديمة من أصل 7204 منزل في مدينة الموصل، علما بأنها أشارت إلى أن برنامجها الإنمائي سيمول من 27 دولة مانحة، إضافة الى الحكومة العراقية، لإعادة تأهيل المنازل المدمرة، بتكلفة بلغت عشرات الملايين من الدولارات.