المحايد/ مافات
مع بداية كل عام دراسي جديد في العراق منذ 2003 وحتى الآن، يواجه الطلبة والتلاميذ وأسرهم والكوادر التدريسية، مشكلة "أزلية" تتمثل بعدم وجود مناهج دراسية توزع على كل الطلبة، فبين جميع المناهج المقررة التي يستلمها الطالب تجد أن هناك كتاباً واحداً أو كتابين بأحسن الأحوال بطبعة جديدة، فمن المسؤول؟.
تخبر مسؤولة رفيعة في وزارة التربية، موقع (المحايد)، أن "ملف طباعة الكتب المنهجية للطلبة والتلاميذ من الأول الابتدائي وصولاً إلى السادس الإعدادي، كان غامضاَ لسنوات طول، فلا أحد في وزارة التربية قادر على الاستعلام عنه".
وتضيف "حتى مكاتب الوزراء الذين تعاقبوا على ادارة الوزارة، لم تكن قادرة على السيطرة على ملف طباعة الكتب المنهجية، وكان وزير سابق يتحاشى حتى الاشارة له، خلال الاجتماعات الدورية التي تعقدها الوزارة مع مختلف الشعب والمديريات والدوائر التابعة لها".
توضح المسؤولة التي فضلت عدم ذكر اسمها، أن "اسماً واحداً بقي يردد داخل اروقة وزارة التربية، كلما تضج الأوساط الشعبية، بداية كل عام بمشاكل الكتب المنهجية، وعدم توزيعها على الطلبة والتلاميذ، واقتصار الأمر على الكتب التالفة والمستخدمة لأعوام، الاسم الذي كان يتردد طول السنوات السابقة ويتردد معه حديث لا ينتهي عن الفساد والسرقة هو (شركة الافاق للطباعة)".
وتبين المسؤولة المالية في الوزارة، "بعد ضجة كبيرة، خلال اعلان مديريات تربية في محافظات متعددة انها لا تملك ما تكفي من كتب المناهج المقررة لتوزيعها على الطلبة والتلاميذ، قرر وزير التربية، فتح تحقيق بالموضوع، وهنا كشف ما لم يكن احد يتوقعه..!".
"اوراق وملفات ووثائق جاءت من هيأة النزاهة، ومن داخل الوزارة، وشكاوى من مواطنين ومحامين ومسؤولين، تؤكد ان شخصاً واحداً جمع اخوته واسس شركة الافاق للسيطرة على عقود طباعة الكتب المنهجية، منذ عقد من الزمن، والاسم هو عضو اللجنة المالية السابق في البرلمان النائب مثنى عبدالصمد السامرائي"، تضيف المسؤولة التربوية.
ومضت "ما كشف من أرقام وصفقات، يكفي لإعادة تأهيل مدارس بأكملها، وطباعة كتب بأعلى المواصفات، وطباعة دفاتر وكل مستلزمات الدراسة لجميع الطلبة والتلاميذ في العراق، وهم بالملايين، لكن السامرائي، كان يهدد ويبتز كل من يحاول ان يقف ضده، وكان طوال تلك السنوات يستحوذ على أموال هائلة، تكفي لإنشاء مطابع خاصة بالوزارة، تكفي لطباعة كتب ومستلزمات مدرسية، لعشرات السنين....".
ويأتي حديث المسؤولة في وزارة التربية، في وقت سابق أعلن مسؤول ملف النزاهة والادعاء العام في الهيئة السياسية للتيار الصدري جواد الشهيلي، السبت، إقامة دعوى قضائية ضد كل وزراء التربية من عام 2010 ولحد الآن.
وقال الشهيلي في بيان تلقاه /المحايد/، إنه "استناداً إلى توجيهات زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر وتماشياً مع المشروع الإصلاحي، تابعنا مع مسؤولي وزارة التربية أسباب تأخر تجهيز الطلبة بالكتب المدرسية".
وأضاف، أن "هناك مشكلة حقيقية في وزارة التربية ألا وهي استحواذ شركة واحدة على كل مقدرات الوزارة وأبنائنا الطلبة منذ عام 2010 ولحد الآن كشريك وطني لتجهيز المستلزمات التربوية".
وتابع الشهيلي، "ويقع على عاتقنا كنزاهة وادعاء عام في الهيئة السياسية للتيار الصدري متابعة هذا الملف الخطير، والمباشرة بإقامة دعوى قضائية ضد كل وزراء التربية من عام 2010 ولغاية الوزير الحالي".
وأكد الشهيلي، على "أهمية التحقيق في المغالات الواضحة في أسعار طباعة الكتب والمستلزمات الدراسية والوقوف على أسباب تجاوز القوانين والإحالة بالمباشر لهذه الشركة بل والتجديد لها قبل تسعة أشهر".
وأوضح، أنه "لا يوجد أدنى شك بأن هنالك مؤشرات فساد تحوم حول هذا الملف وهي بحاجة إلى تحرك قضائي للكشف عن المسبب الرئيسي بالهدر في المال العام والحاق الضرر بابنائنا الطلبة".
ويتهم النائب مثنى السامرائي بقضايا فساد أبرزها عقد التأمين الصحي الخاص بموظفي وزارة التربية.
وفي وقت سابق من العام الماضي طلب الادعاء العام من رئاسة مجلس النواب الموافقة على رفع الحصانة عن النائب مثنى السامرائي على خلفية اعترافات ادلت بها وزيرة التربية السابقة.
ويأتي الطلب بعد أكثر من عام على افتضاح فساد عقد التأمين الصحي الذي ابرمته وزارة التربية مع شركة مملوكة للنائب مثنى السامرائي.
وفتح القضاء تحقيقا موسعا، في إحالة عقد تأمين صحي لمجموعة من المستثمرين اللبنانين، حيث يتم اقتطاع مبلغ 3500 دينار من موظفي الوزارة شهرياَ، مقابل تأمين صحي للموظفين.
ونتيجة تحوله إلى امبراطور مالي وسياسي، وقيامه بتأسيس مصارف خاصة له، تدير عمليات غسيل الأموال الخاصة، به، وتوزع ملياراته على مصارف دول العالم، دون ان يكون هناك أي اجراء قانوني بحقه، تسلل مثنى السامرائي إلى البرلمان، بشرائه مقعداً برلمانياً بـ5 ملايين دولار من قبل جهات سيطرة على تزوير نتائج الانتخابات.
وفي اول أيامه في البرلمان، اشترى السامرائي ذمم عدد من المسؤولين واستغل نفوذه القوي في وزارة التربية، ليشتري عقد تأمين موظفي وزارة التربية ويمنحها لشركته الاخرى، شركة (ارض الوطن)، والذي بلغ قيمته نحو 50 مليار دينار.
وتؤكد المعلومات أن البنك المركزي العراقي قام بتجميد الأموال المنقولة وغير المنقولة للأشخاص القائمين على شركة ارض الوطن، الموقعين على عقد التأمين باسمها، في جميع المصارف.
بدوره البنك المركزي اصدر اعماماً الى المصارف الحكومية والأهلية وجه فيها بالحجز على أموال “شركة ارض الوطن”.
ويقدر بعض الخبراء ان قيمة العقود التي حصل عليها السامرائي من وزارة التربية لوحدها بـ400 مليون دولار سنويا، تتوزع بين عقود طباعة المناهج التي يحتكرها لوحده، بالإضافة الى عقود التجهيز، والابنية المدرسية وغيرها.
وتؤكد المسؤولة في وزارة التربية، ان "هناك أوامر قبض بحق مثنى السامرائي، وهناك ملفات جاهزة داخل القضاء، لإدانته بهدر المال العام، وسرقة مئات المليارات من قوت المواطنين والطلبة والتلاميذ وتسببه بانحدار المنظومة التعليمية في العراق"، مشيرة إلى أن "هناك موظفين في وزارة التربية جاهزون للإدلاء بشهاداتهم ضد السامرائي، لينكشف للقضاء وللرأي العام، حجم فساد مثنى السامرائي واخوته وشركاته".