المحايد / سياسي
أثار القرار المشبوه الذي أصدرته المحكمة الاتحادية يوم أمس بإنهاء عضوية رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي، جدلاً واسعاً داخل الأوساط السياسية والشعبية.
إنهاء عضوية رئيس مجلس النواب، لم يكن محض صدفة، حيث كان قراراً مدبراً بحسب مصادر مقربة من البيت الشيعي، أفادت بأن "المحكمة الاتحادية اتخذت قرار الإقالة بدوافع سياسية بعد ضغوط من قبل جهات معروفة".
وتضيف تلك المصادر، أن "قرار المحكمة الاتحادية الأخير هز العملية السياسية، وزعزع الاستقرار الذي يشهده العراق بعد تشكيل حكومة محمد شياع السوداني".
وربطاً بالقرار الذي وصفه تحالف تقدم بـ "المشبوه"، يرى المتابع للشأن السياسي، أن هناك خلاً كبيراً في أداء المحكمة الاتحادية مؤخراً لا سيما بما يتعلق بالوضع السياسي، إذ يؤكد مراقبون أن تلك المحكمة لم تعمل بمبدأ الفصل بين السلطات الذي تنادي به مراراً وتكراراً.
وبعد تجريد المكون السني من استحقاقه الانتخابي والجماهيري والثقل النيابي ومشاركة تقدم في تشكيل الحكومة الحالية وتثبيت ركائز الدولة، تعرضت العملية السياسية إلى هزة لم تشهدها منذ سنوات.
ودفع قرار المحكمة الاتحادية، جماهير البيت السني، وسياسييه إلى الالتفاف حول الرئيس الحلبوسي، بعد القرار الذي وصفه سياسيون بأنه "جائر وليس منصفاً".
ويوم أمس، عقد حزب "تقدم" اجتماعاً، وقرّر وزراء ونواب الحزب الاستقالة من مناصبهم ومقاطعة اجتماعات ائتلاف "إدارة الدولة" والجلسات البرلمانية والعملية السياسية.
ووفقاً لبيان للحزب، فإنّه "بعد مضي أكثر من عام كامل على تشكيل الحكومة الحالية، التزمنا بجميع الاتفاقات السياسية والورقة التي تشكّلت على أساسها الحكومة التي انبثقت من ائتلاف إدارة الدولة الذي تشكل لدعم الرئاسات والحكومة والمؤسسات وتبني القرار السياسي للدولة، وهو الائتلاف المعني بتنفيذ الاتفاقات السياسية والمسؤول عن التزام المؤسسات كافة بتطبيق الدستور والقوانين".
وأضاف أنه "وعلى الرغم من كل ما حدث من استهدافات خلال هذا العام، إلا أننا آثرنا وجماهيرنا الصبر والالتزام بالاتفاقات السياسية لتحقيق الاستقرار السياسي والاجتماعي، ولتحقيق تطلعات الشعب في حياة حرة كريمة ورفع الظلم عن المظلومين، إلا أننا فوجئنا بصدور قرار المحكمة الاتحادية الذي نجد فيه خرقاً دستورياً صارخاً، واستهدافاً سياسياً واضحاً".
وأكد أن "قيادات الحزب ونوابه اجتمعوا وقرروا مقاطعة جلسات ائتلاف إدارة الدولة، واستقالة ممثلي الحزب في الحكومة الاتحادية، واستقالة ممثلي الحزب من رئاسة ونواب رؤساء اللجان النيابية، والمقاطعة السياسية لأعضاء مجلس النواب عن الحزب لجلسات مجلس النواب".
وقدّم وزراء الحزب، وهم كلٌّ من نائب رئيس الوزراء وزير التخطيط محمد تميم، ووزير الصناعة والمعادن خالد بتال النجم، ووزير الثقافة والسياحة والآثار أحمد فكاك البدراني، استقالاتهم رسمياً.
وكان الحلبوسي قد اعتبر قرار إنهاء عضويته قراراً "غريباً"، قائلاً إنّ "هناك من يسعى لتفتيت المكونات الاجتماعية.. في السنوات الخمس التي تولينا فيها رئاسة البرلمان عملنا على إصلاح ما مضى من سوء إدارة، إذ لم يهدم بيت في هذه الفترة كما حدث سابقاً، ولم يغيَّب شخص، ولم يُعتقل أحد، وطبّق القانون".
ويأتي قرار المحكمة في وقت حساس من تاريخ العملية السياسية بالعراق، إذ تستعد التحالفات السياسية لخوض الانتخابات المحلية المقررة في كانون الأول المقبل، خاصة أن حزب "تقدم" بزعامة الحلبوسي له ثقل كبير فيها.
ويؤكد أعضاء في مجلس النواب، أنّ "قرار المحكمة سيقلب موازين القوى في البلاد وسيؤثر على نتائج الانتخابات المرتقبة"، فيما شددوا على أنّ "قيادات تحالف الإطار التنسيقي أجرت يوم أمس الثلاثاء لقاءات واتصالات، فيما بينها ومع أطراف سياسية سنية منها تحالف العزم، والسيادة، والحل، لبحث المستجدات".
من جهته، علق زعيم تيار الحكمة المنضوي ضمن "الإطار التنسيقي" عمار الحكيم على ذلك بالقول "نثمن باعتزازٍ وعرفان جهود رئيس تحالف تقدم الأخ محمد الحلبوسي في رئاسة مجلس النواب طيلة المدة الماضية التي شهدت إقرار عدد كبير من التشريعات والقوانين المهمة، ومعالجة العديد من الأزمات التي عصفت بالبلد، ونتمنى له التوفيق والسداد في مهامه الوطنية حيثما يكون".
وكان السوداني قد ذهب إلى الرئيس الحلبوسي، وبحث معه آخر التطورات السياسية، والعمل على إدامة الاستقرار السياسي، فميا أكدا أهمية الركون إلى الحوار وحل جميع الإشكالات المستجدة، من خلال التواصل بين القوى السياسية التي تمثل الركيزة الأساسية للعملية السياسية.
وقبل ذلك، قال الرئيس الحلبوسي: "نحن حريصون على إيضاح الجنبة القانونية لما حدث وليس الجنبة السياسية»، مضيفاً أن «الدستور حدد الحالات التي تستوجب إنهاء العضوية، في حالة الوفاة أو الاستقالة أو الجناية أو المرض تنتهي عضوية النائب".
وأضاف، في مؤتمر صحفي: "لم تراع المحكمة الاتحادية كل شروط إنهاء عضويتي من مجلس النواب. واجب المحكمة الاتحادية الالتزام بالدستور وتطبيق نصوصه بنحو غير قابل للاجتهاد".
ومضى الرئيس الحلبوسي قائلاً: "المحكمة الاتحادية بقرارها خالفت الدستور، وهذا أمر خطير. ليس من حق المحكمة الاتحادية تسلم طلبات إنهاء عضوية النائب قبل المرور بمجلس النواب. واجب المحكمة الاتحادية الالتزام بالدستور وتطبيق نصوصه بنحو غير قابل للاجتهاد".
وأشار إلى أن "القضية ليست قضية محمد الحلبوسي، بل مسألة دولة، وما حصل واضح وغير قابل للاجتهاد، وقد خالف الدستور. من حق المحكمة الاتحادية أن تبت في مسألة استقالة ليث الدليمي، وليس صحة عضويته من عدمها".
وأردف: "المحكمة الاتحادية عملت على تعديل دستوري دون أن يعرض على الشعب"، مشيراً إلى أن "قانون المحكمة الاتحادية يفصل في الاتهامات الموجهة لرئاسة الجمهورية والوزراء وليس البرلمان".
وترجح مصادر سياسية مطلعة، أن القوى الشيعية قد تتجه نحو تأجيل انتخابات مجالس المحافظات، بعد ما تعرضت له العملية السياسية من هزة أحدثتها المحكمة الاتحادية.