المحايد/ ملفات
أعلن مجلس القضاء الأعلى في العراق، الخميس، صدور مذكرات اعتقال بحق قتلة (المحلل الأمني) هشام الهاشمي، بعد أكثر من عام على اغتياله.
رئيس المجلس، فائق زيدان، قال إن "بعض قضايا قتلة المتظاهرين أنجزت وخاصة في الكوت وبابل، منها صدور أحكام الإعدام بحق ضباط".
مجلس القضاء الأعلى أشار، من جهته، إلى أن القاضي فائق زيدان قال خلال لقاء مع مجموعة من الصحفيين، إن "القضاء أصدر أوامر قضائية بما يتصل باغتيال هشام الهاشمي، وهي في دورها التنفيذي".
وأضاف قوله: "هنالك أحكام منها الإعدام صدرت بحق من أدينوا بقتل المتظاهرين والنشطاء المدنيين".
وأضاف زيدان أن "قضية قتلة المتظاهرين معقدة وشائكة وفيها أطراف كثيرة، وهناك أطراف سياسية تدخلت لغايات انتخابية ولتسقيط جهات أخرى".
وتأتي هذه التصريحات تزامنا مع مرور سنة على مقتل الهاشمي على يد مسلحين في يونيو 2020 أمام باب منزله.
وخلال الأيام الماضية، انطلقت حملة على مواقع التواصل الاجتماعي العراقية، بمناسبة مرور عام على اغتيال الهاشمي، حملت وسم "عام_على_مقتل_هشام"، و "هشام_الهاشمي_شهيد_الكلمة" دعا فيها المدونون العراقيون للكشف عن قتلة الباحث البارز.
وما زالت جريمة اغتيال الشهيد الهاشمي تشكل صدمة كبيرة لدى العراقيين بمختلف مستوياتهم وثقافاتهم، من دون التوصل إلى الجناة أو الكشف عنهم، بسبب معرفتهم أن الجاني ينتمي لجهة من الفصائل المسلحة، والقبض عليه يعني اشتعال حرب بين قوى الدولة وقوى اللا دولة، حسب ما يرى بعض المختصين بالشأن الأمني.
وحول تطور التحقيقات، كشف حارث الهاشمي، شقيق الشهيد هشام في تصريح صحفي، إن "أسرة المغدور ما زالت تنتظر نتائج التحقيقات التي تأخرت كثيراً، رغم أن هناك بعض الأطراف الحكومية والقضائية كانت قد وعدت بأن عملية التحقيق لن تأخذ وقتاً طويلاً، نظراً للتنسيق العالي بين الأجهزة الأمنية".
ويشير إلى عدم معرفته "بأي تطورات عن التحقيق، حتى أن إخوته لا يعرفون شيئاً عن تطورات التحقيقات وإلى أين وصلت القوات الأمنية والقضاء العراقي في الملف".
وحيال شكوك العائلة، يؤكد مصدر أمني رفيع من وزارة الداخلية أن "التحقيقات التي أجريت للتعرف إلى قتلة الهاشمي، كانت مشتركة من قبل جهاز المخابرات ولجان تحقيقية من وزارة الداخلية ووكالة الاستخبارات وجهاز الأمن الوطني. وقد حاولت (مديرية أمن الحشد الشعبي) الدخول ضمن فريق التحقيق إلا أن مصطفى الكاظمي رفض ذلك".
وقال المصدر، إن "الملف الخاص بالتحقيقات أُنجز بالكامل وتمَّ تحويله إلى مكتب رئيس الحكومة، وكان من المفترض أن تتم مناقشته بين الكاظمي والقضاء العراقي، لكن لا أحد يعرف شيئاً عن مصير الملف بعد تسليمه"، مضيفاً، أن "الملف كشف عن هوية المتورطين بالجريمة، وجميعهم ينتمون إلى فصيل مسلح منضوٍ ضمن (الحشد الشعبي). وبحسب التحقيقات فقد كان القتلة ثلاثة شبّان، وقد هرب أحدهم إلى إيران فعلاً عبر منفذ بري".
ويؤكد أحد المقربين من الهاشمي، أن أبرز سبب لقتل الهاشمي، هو أن المغدور كان قد كشف للمرة الأولى عن وجه القيادي في مليشيا (كتائب حزب الله) حسين مونس، المعروف باسم (أبو علي العسكري)، على تويتر. وهو ما دفع المليشيا إلى تهديده لأكثر من مرة بالتصفية".
ويعد الهاشمي البالغ من العمر 47 عاما من الخبراء العراقيين في مجال الجماعات المسلحة وخاصة الجماعات المرتبطة بتنظيم القاعدة وخليفته تنظيم الدولة الاسلامية، وكان متابعا لما يشهده العراق من اضطرابات وفوضى وهزات منذ نحو عقدين من الزمن.
وخلال مرحلة الاضطرابات وأعمال العنف التي سيطرت على العراق في أعقاب الغزو الأمريكي، وظهور جماعات العنف السني كان الهاشمي يقدم المشورة لمختلف الساسة والمسؤولين العراقيين وغيرهم خلال تلك المرحلة.
وكان الرئيس التركي رجب طيب اردوغان وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان من بين الشخصيات الدولية التي طلبت منه الاستشارة الشخصية حول بعض القضايا، حسب تقارير شبكة البي بي سي البريطانية.
كما أجرى الهاشمي، مقابلات مع الشخصيات الاسلامية المتطرفة خلف القضبان في الدول الاوروبية والشرق الأوسط في اطار بحثه في فكر وتوجهات الجماعات المتطرفة وتقديم النصح والاستشارة للمسؤولين بناء على تلك المقابلات.
وكانت المستشارة السياسية للقيادة العسكرية الأمريكية في العراق ما بين 2007 و2010 ايما سكاي، وصفته قائلة بأنه كان محللا فذاً وكاتباً غزير الانتاج ومراقبا جديرا بالاحترام للشأن العراقي.
وقالت: "كان يحب بلده وفي قلبه مصلحة العراقيين بغض النظر عن انتمائهم العرقي او الطائفي، وكان الهاشمي يحدوه الأمل في إمكانية بناء عراق آخر".
وفي اعقاب هزيمة التنظيم وتراجع نشاطه التفت في كتاباته الى الجماعات الشيعية المسلحة وخاصة تلك المقربة من إيران مثل كتائب حزب الله العراقي وحركة النجباء وعصائب أهل الحق.
وكان الهاشمي يسلط الضوء على انشطة الجماعات المسلحة المقربة من إيران التي اكتسبت نفوذا متعاظما في الحياة السياسية في العراق بسبب الدور الذي لعبته في المعارك ضد تنظيم الدولة الاسلامية. ورغم دمج هذه الجماعات وإلحاقها بالمنظومة الأمنية الحكومية ظلت معظم هذه الجماعات خارج السيطرة وتتصرف كما تشاء.
وكان الهاشمي يدرك الثمن الباهظ الذي قد يدفعه جراء مواقفه الجريئة، وتحدث قبل ساعات من اغتياله لأحد أصدقائه في لندن عن التهديدات التي تلقاها من هذه الجماعة طالبا من صديقه النصح في كيفية التعامل معها، لكن رصاصات القتلة كانت أسرع في الوصول إليه.