المحايد/ ملفات
تشهد المناطق المحررة في العراق، إقبالاً متزايداً من الشخصيات السياسية والوجوه التي تسببت بتدميرها وتهجير عائلاتها وقتل آلاف المدنيين.
وتأتي هذه الزيارات بعد قطيعة دامت أكثر من ثلاث سنوات ما جعل سكان المدن يضعونها في سياق حملات انتخابية مبكرة، قبل انتخابات 10 أكتوبر/تشرين الأول المقبل.
وعد سكان تلك المدن ان هذه الزيارات لم تأتِ بجديد، في ظل تكرارها الشعارات والوعود نفسها، التي طُرحت في انتخابات عامي 2014 و2018، تحديداً مثل "التعهّد بالكشف عن مصير المختطفين والمغيبين"، و"إعادة إعمار هذه المدن"، و"دفع تعويضات للسكان" و"ضمان فرص العمل".
وزار زعماء ونواب، الموصل والبعاج وتلعفر وربيعة والحضر ضمن محافظة نينوى، وبيجي وتكريت وسامراء ضمن محافظة صلاح الدين، والفلوجة والرمادي والقائم ضمن محافظة الأنبار.
وبسبب عدم توفر قاعات للمؤتمرات أو مبانٍ كافية في تلك المدن المدمرة، أُجريت بعض تلك الزيارات في خيام داخل الشوارع، وأقام بعض النواب والسياسيون ولائم كبيرة دعوا إليها الناس في وسيلة جديدة للجذب ولفت الانتباه، واستخدم آخرون مساجد ومضايف شيوخ وزعماء عشائر للاجتماع بالناس.
وتعاني مدن عدة، فضلاً عن مناطق حزام العاصمة بغداد، من دمار واسع وتردٍ في مستوى المعيشة. وما زالت آثار المعارك والدمار الذي خلّفته سنوات القتال ضد تنظيم "داعش" ماثلة، مع تنصّل الحكومات المتعاقبة من وعود الإعمار، أو مساعدة الناس على بدء حياتهم مجدداً، من خلال منحهم تعويضات لبناء منازلهم ومتاجرهم، وسط تراجع كبير في القطاعين الصحي والتعليمي.
وتتركز غالبية تلك الزيارات على القوى السنّية، وسط مخاوف من تكرار ظاهرة استخدام المال العام في الحملات الانتخابية، خصوصاً مع إطلاق عدد من السياسيين وعوداً خدمية مثل تعبيد طرق وبناء مركز صحي وتوفير منظومات مياه للري، وتوظيف في أجهزة أمنية.
وخلال أقل من أسبوع، شهدت الموصل زيارات سياسية، أثارت موجة سخط واسعة لاستغلال أوضاع السكان وجذبهم للمشاركة في زيارته بمثل هذه الأساليب.
وحول انعكاس هذه الزيارات على الانتخابات، ذكر مصدر في المفوضية العليا للانتخابات ببغداد، أن "المفوضية قد تضطر إلى البدء في تطبيق اللوائح التنظيمية للانتخابات منذ الآن بحق عدد من الأحزاب والقوى والشخصيات السياسية، بسبب ما يمكن اعتباره حملات انتخابية مبكرة في مناطق تعاني الحرمان والعوز الشديد".
وقال المصدر في حديث للـ"محايد"، أنه "يمكن إدراج الزيارات كإحدى وسائل الدعاية الانتخابية غير القانونية، بسبب وعود الزوّار للأهالي وطلبهم التصويت لصالحهم في الانتخابات".
أحد زعماء قبائل الأنبار، أفاد للمحايد بأن "محاولة الزوار إيجاد مكان ملائم للاجتماع بالناس وسط هذا الدمار كافٍ ليكون دعاية مضادة لهم، لكنهم ما زالوا يؤملون الناس بالوعود".
واضاف ان "الحال وصل إلى أن يقوم أحد السياسيين الذي زار الأنبار أخيراً، بالقسم بالله على كلامه إنه صادق ولن يخذلهم، على الرغم من أنه كرر وعوده هذه في سنوات سابقة".
ولا يقتصر الأمر على السياسيين، إذ سُجلت زيارات مماثلة لقادة أمنيين وزعماء في "الحشد الشعبي"، إلى المناطق المحررة، وإجراء جولات ميدانية بين الأحياء والمناطق السكنية ولقاء المواطنين. وتتبع هذه الطريقة غالبية قادة ألوية "الحشد الشعبي"، وتحديداً في الموصل، وسهل نينوى، وغرب الأنبار، وصلاح الدين، وأخذت أشكال حملات التنظيف ورفع النفايات ومخلفات الحرب وحل مشاكل أمنية مختلفة.