المحايد/ ملفات
في زيارة لم تعلن عنها السلطات العراقية، وصل وزير الاستخبارات الإيراني، محمود علوي، إلى العاصمة بغداد، من أجل لقاء عدد من المسؤولين في العراق، إضافة إلى الرئاسات الثلاث، بينما تكشف مصادر موثوقة، معلومات مثيرة عن الزيارة، التي ستكون لها آثار على عمليات القصف الصاروخية، التي تشهدها مناطق العراق باستمرار.
وتأتي زيارة علوي إلى بغداد، بعد التصعيد في وتيرة الهجمات التي تنفذها الفصائل المسلحة المدعومة من إيران ضد أهداف ومواقع أميركية في مناطق مختلفة من العراق، وهو الأمر الذي أحرج بغداد كثيراً خلال الفترة التي تشهد فيها تحديات مستمرة، وآخرها ما حدث في مستشفى الحسين التعليمي بمحافظة ذي قار، والاستهدافات المتكررة لأبراج الكهرباء.
وتحاول الحكومة العراقية برئاسة رئيس مجلس الوزراء، مصطفى الكاظمي، بناء علاقات مع جميع دول العالم تتسم بالتوازن، وفقاً لما تعلنه الحكومة مرات عديدة، إلا أن الهجمات ضد المصالح الأمريكية، تضعها بموقف وصفه مراقبون للشأن بـ "الضعيف"، لأنها لا تريد أن تدخل في مواجهة مباشرة مع الفصائل المسلحة، التي تدعمها إيران بالسلاح والأموال.
وكان مسؤول الاستخبارات في "الحرس الثوري" الإيراني، حسين طائب، زار بغداد في 6 تموز الحالي، والتقى عدداً من المسؤولين وقادة الفصائل الحليفة لطهران، وأعقب تلك الزيارة تصاعد كبير في معدل الهجمات الصاروخية والطائرات المسيرة التي استهدفت مقرات عسكرية في أربيل والمنطقة الخضراء ومطار بغداد وقاعدة عين الأسد، عدا الهجمات الأخرى التي حدثت في مناطق شمال شرقي سوريا، واستهدفت وحدات أميركية عاملة ضمن التحالف الدولي للحرب على الإرهاب.
وعشية وصول طائب إلى العراق، وعلى مدار الأيام الثلاث التي جاءت بعد زيارته، شنت المليشيات الموالية لإيران عدداً من الهجمات التي استهدفت قاعدة عين الأسد في الأنبار والسفارة الأمريكية ببغداد وقاعدة عسكرية تابعة للولايات المتحدة قرب مطار أربيل، نفذت بواسطة طائرات "مسيرة".
وفي بيانات معلنة للحكومة العراقية، تصف الأخيرة دائماً الهجمات الصاروخية بأنها "إرهابية" وتنفذها مجموعة "خارجة على القانون"، لكنها لم تسمِ ولم تلقِ القبض على أفراد فيها، سوى ما حدث في موقعة البو عيثة، العام الماضي، حين ألقت الحكومة على مجموعة أفراد ينتمون لكتائب حزب الله، وأطلقت سراحهم فيما بعد.
ووفقاً لمسؤول رفض الكشف عن هويته، قال لـ "المحايد"، إن علوي "وصل صباح اليوم إلى العاصمة العراقية بغداد لبحث عدد من الملفات ذات التعاون المشترك بين البلدين، فيما لم تعلن بغداد عن الزيارة أو جدول أعمالها".
وأضاف المسؤول، أنّ "شخصيات من الحرس الثوري وقيادات أمنية أخرى ترافق علوي في الزيارة، حيث من المقرر أن يلتقي مسؤولين عراقيين بينهم رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، إضافة إلى قيادات حكومية وأمنية وسياسية وأخرى بفصائل مسلحة".
وبيّن المسؤول، أنّ "الوفد الإيراني قام فور وصوله بزيارة للموقع الذي قتل فيه قائد الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، قرب مطار بغداد في يناير/كانون الثاني العام الماضي".
وعادة ما يجري زعيم فيلق القدس، إسماعيل قاآني زيارات متكررة إلى العراق، يطلب فيها من قادة الفصائل، تهدئة الأمور، وعدم استهداف المصالح الأمريكية، لغاية ما ينتهي الاتفاق النووي لصالح إيران، حسب مصادر موثوقة.
ويشير المسؤول إلى أن "الزيارة ستستغرق أكثر من يوم، وستركز على ملفات عدة أبرزها الوجود الأميركي في العراق، والتوتر الحالي في البلاد بين الحكومة وزعماء فصائل مسلحة ضمن الحشد الشعبي".
وأوضح، أن "من بين الشخصيات التي سيلتقي بها المسؤول، زعيم دولة القانون نوري المالكي، وزعيم تحالف الفتح هادي العامري، وقادة الحشد الشعبي، ومنهم رئيس أركان الحشد أبو فدك، وقادة الفصائل الأخرى".
ومع هذه المعلومات حول الزيارة، يبين مصدر آخر مقرّب من الحكومة أن "علوي سيحث الفصائل المسلحة على عدم استهداف المصالح الأمريكية، كيلا ترد الأخيرة بقواتها على مواقع الفصائل المسلحة، والمصالح الإيرانية، خصوصاً وأنها قد أعلنت صراحةً بأنها سترد على أي هجوم يطال أفرادها داخل العراق وسوريا".
وأشار إلى أن "الفصائل المسلحة أصبحت بحالة انشقاق بعد مقتل قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس، وتحاول طهران السيطرة عليها من خلال وزير الاستخبارات الإيراني، الذي تخشاه قادة الفصائل، لأنه مقرب من المرشد الأعلى الإيراني، علي خامنئي، الذي يقود محور المقاومة في المنطقة".
وكانت فصائل الحشد توعدت بـ "الثأر" للمقاتلين الذين قضوا في ضربات أميركية في 28 حزيران/يونيو في العراق وسوريا حيث تمّ إحباط هجوم بطائرة مسيّرة ضد الأميركيين، وتنفيذ عملية قصف أخرى ضد قاعدة عين الأسد.
وتصاعدت لهجة الحشد ضد الوجود الأميركي في العراق منذ مقتل نائب قائد قوات الحشد أبو مهدي المهندس مع قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني في كانون الثاني/يناير 2020 في غارة أميركية في مطار بغداد.
ويرى خبراء أن "تكرار الاعتداءات والعمليات الانتقامية ضد الأميركيين تصبّ في حلقة خطيرة بدأت منذ شهور وليست على وشك الانتهاء، والهدف الأول للمجموعات الموالية لإيران هو تفادي خسارة مصداقيتها داخل قاعدتها الشعبية".
ونفذت حتى الآن حوالى خمسين عملية ضد المصالح الأميركية في العراق منذ بداية العام. ولكنها تبدو حتى الآن استعراضًا للقوة يهدف إلى نقل رسائل، في رأي الخبراء.