المحايد/ بغداد
تدر عمليات الاتجار بالبشر أموالا طائلة على الشبكات والجماعات التي تمارسها، فهذه التجارة التي لا تعترف بالحدود تصنف كثالث مردود مالي في العالم بعد الأسلحة والمخدرات.
عمليات الاتجار بأنواعها كبيع الأعضاء البشرية أو عمالة الأطفال والتسول، بالإضافة إلى سمسرة النساء وأنواع أخرى، تنشط عادة في المناطق التي تشهد صراعات وتوترات أمنية.
وفي بلد كالعراق مرّ بالعديد من الأزمات على مدى عقود كانت هذه الظاهرة إحدى الانعكاسات السلبية لما يواجهه المجتمع من اضطراب وعدم استقرار.
ويؤكد مدير مديرية مكافحة الاتجار بالبشر في وزارة الداخلية العميد علي عبد الرزاق أن مديريته سجلت تصاعدا في عدد حالات الاتجار منذ تأسيسها في عام 2012، بعد صدور قانون مكافحة الإتّجار بالبشر.
ويقول "عام 2014 سجلنا 5 قضايا وفي 2015 كانت عدد القضايا 7، أمّا في 2016 فقد سجلنا أكثر من 100 حالة إتّجار وفي 2017 تجاوزت 200 قضية وفي 2019 كان عدد حالات الإتّجار المسجلة لدينا أكثر من 400 حالة".
لكن حالات الاتجار شهدت انخفاضا في عام 2020 والنصف الأول من عام 2021 بحسب ما ويؤكد العميد عبد الرزاق، موضحا أن "الانخفاض الشديد هذا نتيجة تفشي وباء كورونا".
شبكات وحالات تفوق الإحصاءات
وتؤكد نائب رئيس اللجنة المركزية لمكافحة الإتّجار بالبشر فاتن الحلفي أن أعداد الشبكات العاملة في هذا المجال تفوق ما أعلنت عنه بعض المنظمات المدنية المختصة التي أحصت بعضها وجود أكثر من 30 شبكة للإتّجار بالبشر في العراق.
وتقول الحلفي "هذه الأرقام بعيدة عن الواقع، فهناك أفراد يقومون بذلك، كبيع رب أسرة مثلا لأعضاء ابنه أو بيع إحدى بناته، لذلك طالبت اللجنة بتعيين قضاة مختصين لقضايا الإتّجار لنتمكن من التعامل مع هذه الظاهرة لوجود ضحايا في الموضوع".
وتضيف الحلفي "ليس كل من يقبض عليهن بتهمة الدعارة مثلا متهمات بل أكثرهن ضحايا حالات مجتمعية أجبرتهن على هذا السلوك".
وتؤكد الحلفي أن أكثر الأنواع في العراق هي تجارة النساء ويأتي بعدها عمالة الأطفال ثم تجارة الأعضاء".
قانون لا يلبي الطموح
وتنتقد الناشطة والحقوقية بشرى العبيدي قانون مكافحة الاتجار بالبشر الذي شرعه البرلمان عام 2012، وتشير إلى أنها ومجموعة من النشطاء طالبوا بتعديله، لأنه كما تقول لموقع (ارفع صوتك)، "لا يحد من توسع الجريمة لعدم توفيره أرضية مناسبة تكافح أسباب الجريمة اقتصاديا واجتماعيا، بل اكتفى بوضع تعريفات وعقوبات غير كافية".
وتشير العبيدي إلى دخول مواصفات جرائم أخرى مع جريمة الإتّجار بالبشر، موضحة، "إذا أقدم شخص على خطف طفل وألقي القبض عليه قبل عملية البيع، هل سيعاقب الجاني وفق مادة الخطف في قانون العقوبات أم وفق قانون الاتجار بالبشر؟".
وتؤكد الحقوقية العبيدي أن العديد من القضاة وقعوا في أخطاء من هذا النوع لعدم إحاطتهم بالموضوع من كل جوانبه، مطالبة "بتعيين قضاة ومحققين مختصين بجرائم الاتجار بعد إخضاعهم إلى دورات تدريبية مختصة بهذا الشأن".