المحايد/ ملفات
مثل الكثير من الشرائح العراقية المغيبة والمهمشة طول السنوات والعقود الماضية، تعاني شريحة الصم والبكم من إهمال حكومي ومجتمعي كبير، كما أنهم يتعرضون باستمرار لشتى أنواع الاستغلال السياسي خصوصاً مع قرب إجراء الانتخابات.
وأقرت الجمعية العامة في الأمم المتحدة، الثالث والعشرين من أيلول/ سبتمبر، من كل عام يوماً دولياً للغات الإشارة، لتعريف العالم بالحقوق الكاملة لشرائح الصم والبكم والذين ينتشرون بعشرات الملايين في جميع أرجاء العالم.
لا نملك مقراً
وفي حوار مع أحد أعضاء الاتحاد العراقي للصم والبكم، بحضور مترجم الإشارة، بين اسماعيل زاير أن "اتحاد الصم والبكم في العراق لا يملك مقرا له في بغداد، رغم كل الوعود التي قدمتها الحكومات السابقة".
وأضاف أن "وزير العمل والشؤون الاجتماعية السابق باسم عبد الزمان، وقع على كتاب يقضي بمحنهم مقراً لهم في ساحة عنتر بمنطقة الأعظمية، لكن قرارا لم يتم تنفيذه حتى الآن، وهذا يجعلنا نشعر بالتهميش والغبن الشديدين رغم أننا لم نطالب إلا بالاعتراف الرسمي بنا".
وتابع أن "وزارة العمل والشؤون الاجتماعية اكتفت بالإعلان عبر موقعها الإلكتروني بأنه تم تخصيص مقر لنا، لكن الحقيقة غير ذلك تماماً، فما زلنا بلا مقر رسمي يجمع شريحة الصم والبكم، ويكون الواجهة لهم".
تظاهرنا ولم يستقبلنا أحد
وأمام بوابات المنطقة الخضراء في منطقة العلاوي الواقعة وسط العاصمة بغداد، ينضم شريحة الصم والبكم بين فترة وأخرى تظاهرات احتجاجية للمطالبة بحقوقهم وعدم تهميشهم والاستماع إلى مطالبهم.
يقول ماجد حازم، رئيس الاتحاد العراقي المشكل حديثاً للصم والبكم، "من دون كل دول العالم، في العراق فقط لا يوجد اعتراف رسمي باتحاد الصم والبكم، ونحن نطالب باستمرار بإيجاد مقر لنا، وإكمال معاملة إدراجنا ضمن الاتحادات والمنظمات الحكومية، حتى ننضم إلى الاتحاد العالمي للصم والبكم، لأن انضمامنا متوقف على الاعتراف الداخلي بنا".
ويتابع أنه "لا توجد احصائية دقيقة لأعداد الصم والبكم في العراق، لكن أعدادنا كبيرة جداً، ونحن بحاجة إلى التفاتة حكومية ومجتمعية، لأننا نريد الاندماج بالمجتمع والمشاركة في كافة الفعاليات السياسية والاقتصادية والرياضية وما إلى ذلك".
ويشير إلى أن "شريحة الصم والبكم تطالب بحقها في التعليم والتوظيف وتمثيل العراق في المحافل الرياضية والدولية، وايجاد مكان لهم في مختلف الفعاليات السياسية فهم جزء من مشروع النهوض بالبلاد التي يفترض بالحكومات تبينه!".
85 بالمئة بلا رواتب
وبخصوص مدى الرعايا الحكومية، التي تحصل عليها فئة الصم والبكم في العراق، بين ماجد أن "نحو 85% من شريحة الصم والبكم في العراق بلا رواتب، وأن هناك فقط 15% يتقاضون رواتب من مؤسسات الدولة".
ويضيف أن "في السابق كانت الدولة توظف الصم والبكم في مؤسسات الدولة المختلفة، لكن اليوم الحال تغير وأصبحنا من المهمشين والمنسيين".
أما زياد جمعة، الأصم والذي يعاني من بتر في الساق، بواسطة مترجم لغة الإشارة، أن "عند مراجعة شريحة الصم والبكم لمختلف دوائر الدولة أو المستشفيات، لا نجد هناك مترجم لغة، لذلك نحن نعاني بنقل معاناتنا ومطالبنا، وحتى أننا نجد صعوبة في شرح ما نتعرض له للأطباء والممرضين بسبب إهمال جانب وجود مترجم لغة الإشارة في الدوائر والمستشفيات المختلفة".
وأشار جمعة إلى أن "شريحة الصم والبكم، كان لها وقفات في احتجاجات تشرين، وقد قدمت ضحايا ومصابين، وهم يساندون أي جهود حكومية لدعم الدولة وتثبيت اركانها، كما انهم حريصون على ان يقدموا أفضل من عندهم في سبيل النهوض بالبلاد".
نستغل انتخابياً
ومع قرب الانتخابات ونظراً لكونهم يشكلون شريحة واسعة في العاصمة بغداد وبقية المحافظات الأخرى، يحرص المرشحون على زيارة تجمعات الصم والبكم، بهدف إيجاد نوع من الدعاية الانتخابية الانسانية.
يبين مصطفى سعد (40 عاماً)، وهو من فئة الصم والبكم، أن "مع قرب كل انتخابات برلمانية نشهد توافد النواب والمرشحين وقادة الكتل السياسية إلى المنتديات والجمعيات التي ننظمها مهما كانت بسيطة ومتواضعة".
ويتابع: "كل ما يفعلونه هو التقاط الصور معنا، وتوزيع الهدايا لنا، وإغراقنا بسيول من الوعود على المستوى الخدمي والحكومي والوظائف والتعليم، ويتعهدون لنا بأنهم سوف يحلون كل مشاكلنا ومشاكل عائلاتنا".
ويختم بالقول: "ومنذ أول انتخابات اجريت في العراق وحتى الآن، المتابع لوضع شريحة الصم والبكم يعرف جيداً أين ذهبت تلك الوعود وهل تحققت، الجواب: لا أحد ينتبه لوجودنا...!".