المحايد/ مقالات
كتب علاء الخطيب مقالاً عن خميس الخنجر، الرجل المتهم بالارهاب، والذي باع جرف الصخر وتاجر بها مقابل معاناة أهلها
وكتب الخطيب مقاله الآتي:اقذر انواع التجارة، واخس مهنة تمارسها عندما تتاجر بمعاناة أهلك وتمتهن الضحك على ذقون البسطاء ، ربما يُغفر لك وانت لا تعلم ذلك ولكن عندما تقوم بالجريمة مع سبق الاصرار والترصد ، فهذا يعني انك منزوع الضمير ، وتاجر رخيص، لايبالي الا بالربح والخسارة الشخصية للوصول الى الهدف ولو كلفه ذلك سحق الجميع .
القضايا العادلة والخيَّرة لا تحتاج مراوغة ، كما لا تحتاج الى شعارات واعلانات .
فليس من حقك ان تتنازل او تمنح الاخرين ما لا تملك، وليس من حقك ان تساوم على الحقوق .
فهناك ثوابت لا يجوز تجاوزها ، وليس مباحٌ لك ان تضحي بالاخرين من اجل الوصول الى الهدف .
صحيح ان الغاية تبرر الوسيلة في عالم السياسة، ولكن الغاية لا تبرر الوسيلة في حقوق الناس واملاكهم ومعاناتهم.
السيد خميس الخنجر رئيس تحالف " عزم " بعد ان افلس من قواعده الشعبية في المحافظات الغربية ، وبعد ان جرت الرياح بما لا تشتهي سفنه، وأدخل في تحالفه اسماء ظنَ انهم سيبنون له مجداً سياسياً ، دون ان يعلم ان اغلب من التحق به هم النطيحة والمتردية و الموقوذة وما اكل السبع ، ومنهم من غاص الى الاذقان بالفساد ، والبعض الاخر بقايا الكتل المهشمة، وما لفظته الاحزاب .
بعد كل هذا وجد ضالته في جرف الصخر، ليدخلها من باب معاناة اهلها الذين هُجروا تتقاذفهم المخيمات ، بعد ان كان قسم منهم ضحايا الارهاب والارهابيين.
حينما تناهى الى سمعي ان الخنجر يرفع شعار مظلومية اهالي جرف الصخر أحسست انها لعبة انتخابية ومكسب سياسي لفريقه ، وان الصراع بينه وبين الاخرين هو من دفعه للمتاجرة بهذا الملف الشائك ، وهو يعلم علم اليقين ان التعقيدات في هذه الملف كبيرة ، كون المنطقة مهمة ستراتيجياً ، كما انها الحلقة الواصلة بين المنطقة الغربية والوسطى، وان القوى المسيطرة لا تسمح بالعودة الى ما كانت عليه .
الخنجر جازف و يجازف في الدخول الى هذا الملف ، لكن الملف اقوى الاوراق التي يعلب بها بعد ان احترقت الكثير من اوراقه ، فقد كان خصمه في المناطق الغربية قوياً ومهيمناً ، ويمتلك من الادوات ما لا يمتلكه السيد الخنجر ، وقد سيطر على الشارع هناك ، واثر في حركته الجماهيرية وامتلك زمام المبادرة ، كما امتلك القوة بين الناس .
اعلان الخنجر الاخير وهو يتحدث عما اعتبره منجزاً للسنة في جرف الصخر ، هو بمثابة بالون اعلامي سينفجر لحظة كشف الحقيقة.
فالعودة بعد التدقيق الامني شئ طبيعي، لكن الغير طبيعي هو موافقة الخنجر على تعويض البعض من اهالي المدينة باراضٍ
باماكن اخرى .
الموافقة على مثل هذا الشرط اتخذها الخنجر دون الرجوع الى اهل المدينة واعيانها، ودون مشاورة الاخرين من ابناء المكون السني ، لذا اعتبر بعض اهالي المنطقة ان هذا تنازل عن الارض دون وجه حق وان الخنجر لا يحق له الحديث نيابة عن اهل المدينة ، كما اعتبر اخرون ان ما قام به الخنجر خطيئة قد تفضي الى تغيير ديموغرافي .
لكن المشهد الذي شاهدناه هو تجارةٌ بالمأساة ، من اجل مكاسب انتخابية ، لم يدخل فيها البعد الانساني ، وهذا ما سيعقد المشهد اكثر واكثر ، فالحل يكمن بالنظرة الانسانية الوطنية للملف ، بعيداً عن السياسية والاعيبها، وان المعاناة هي انسانية بالدرجة الاولى وليست سياسية .
ورحم الله المتنبي العظيم حينما قال : من يهن بسهل الهوان عليه
ما لجرحٍ بميتٍ إيلام .
هان الوطن فاصبحنا نلجأ الى الغرباء لحل مشاكلنا .
ومات الضمير الوطني فلم يعد هناك ألم لجرحٍ ينزُ معاناة .