المحايد/ ملفات
اعتاد رعد حميد (61 عاماً) طوال حياته على مناداته باسم (عدنان) بين الناس رغم تعرضه لبعض المشكلات بسبب اختلاف الاسم إلا أنه لم يضطر يوماً لتغييره.
ويقول إن "مسألة تغيير الأسماء رسمياً عادة ما نتجاهلها، لأن غالبية الناس في السابق كانت تغير أسماء أبنائها لفظياً وليس بشكل رسمي، لدرجة أن البعض ينسى اسمه الحقيقي".
ويتذكر حميد اللحظة التي قررت فيه أمه إطلاق تسمية (عدنان) عليه بدلا من رعد عندما كان في سن العاشرة من عمره.
ويوضح "تعرض ابن جيراننا -آنذاك- لحادث دهس أدى لوفاته، وكان بنفس عُمري واسمه رعد، ما جعل أمي تتشاءم وتشعر بالقلق عليّ، فغيرت اسمي، وقلدها الجميع".
القتل على الهوية
ومثل قصة رعد، قصص كثيرة، تعددت أسبابها، والنتيجة واحدة: تغيير الاسم.
من هذه الأسباب تشابه مع أسماء رموز من النظام البعثي وأخرى تحمل دلالات طائفية.
عندما ولدت سلوى عاصي (33 عاماً) طفلها عام 2008، لم تتوقع أن تضطر لتغيير اسمه من (عمر) إلى (محمد) في بيان المستشفى، بعد ساعات من ولادته "كي لا يطلقها زوجها" على حد قولها.
وتقول "عندما سمع زوجي باسم عمر لم يبد أي اعتراض، لكنه عاد بعد ساعة ليطالبني بتغيير الاسم من عمر إلى محمد لأن والدته لم توافق".
وعند نقطة تفتيش وهمية نصبتها مجموعة مسلحة على الطريق تم قتل شقيق زوج سلوى، على الهوية إبان الاقتتال الطائفي عام 2006.
توضح سلوى "والدة زوجي ترفض تسمية أحفادها بأسماء شائعة لدى السنّة، السنية. لأن ذلك يذكرها بمقتل ابنها".
ومن سلوى، إلى محمد علي إبراهيم (45 عاماً)، الذي يعاني مشكلات كثيرة بسبب تشابه اسمه الثلاثي مع غيره، خاصة في المطارات حين يسافر. إذ يتم حجزه أو اعتقاله لساعات حتى التأكد من اسمه.
يقول إن "رغبته في تغيير اسمه كبيرة بسبب تعرضه الدائم لمشكلات تتعلق بالأمن، حيث يتشابه مع أسماء شخصيات مطلوبة للعدالة".
ويضيف محمد، أنه "لم يتمكن من تغيير اسمه خلال السنوات الماضية، لأن قرار تغيير الأسماء كان أشبه بالمتوقف بسبب الأوضاع الأمنية غير المستقرة في البلاد. لكنه الآن عازم على تغييره".
التغير العصري
أما هدى رياض (39 عاماً) فكانت تتعرض للتنمر بسبب اسمها السابق (هدية).
تقول كنت أشعر بالخجل من اسمي، إذ لا يتناسب مع العصر والتغيير الحاصل فيه".
"عندما كان يُذكر اسمي أمام من لا يعرفني شخصياً، يعتقد مباشرة أنني مسنّة"، تتابع هدى.
ورغم تغيير اسمها بشكل رسمي، إلا أن هناك من لا يزال يناديها (هدية).
وتنص المادة (20) من قانون الأحوال المدنية رقم 65 لسنة 1972 المعدل، على أنه يجوز للشخص "تصحيح اسمه الكامل واسم أمه وجده لأمه المدوّن في السجل المدني لمرة واحدة فقط، بموجب أحكام هذا القانون، وله مرة واحدة تبديل اسمه المجرد ولقبه على ألا يتعدى ذلك إلى اسمي الأبوين والجدين".
أما المادة (21) فقد نصت على أن تقام الدعوى لتبديل الاسم أو اللقب أو تصحيح العمر واسمي الأبوين والجدين المدونين في السجل المدني في محكمة الصلح، في حالة عدم إمكانية إثبات التصحيح أمام مديرية الأحوال المدنية وفق المادة (19) من هذا القانون بناء على طلب من صاحب القيد أو من ذي حق متعلق به إلا ما استثنى من ذلك بموجب مادة (28) من هذا القانون".
ويشترط في تبديل الاسم أو اللقب أن تكون هناك أسباب مقنعة تدعو إلى ذلك وتتولى المحكمة نشر طلب التبديل في إحدى الصحف لمرة واحدة على نفقة المدعي، وتنظر في الدعوى بعد مرور عشرة أيام على الأقل من تاريخ النشر وتنفذ القرارات الصادرة بعد اكتسابها الدرجة القطعية.
الإناث والذكور
في نفس السياق، تقول المحامية نوال خضير إن "النساء لديهن رغبة أكثر من الرجال بتغيير أسمائهن مثل (سعدية وشكرية وفضيلة ونويرة)، بسبب تغير المجتمع وأفكاره بذريعة أن للاسم أهمية في بناء نظرة إيجابية تجاه الشخصية".
لكن، حسب قولها، فإن العديد من الراغبات في تغيير أسمائهن أو تبديلها "لا يتمكن من ذلك بسهولة، لأن بعض العائلات لا تتقبل ذلك وتعتبره عيباً أو ترفاً في الغالب".
وتضيف خضير أن "هناك تمييزاً بين الإناث والذكور حتى فيما يتعلق بالأسماء في مجتمعنا، ولغاية الآن يخفي الرجال أسماء زوجاتهم وبناتهم أمام المعارف والأغراب، وهو أمر يرتبط بعادات متعلقة بالشرف والعيب والدين".
وتقول المحامية إن "أفضل الأدلة المستندة على رأيها، الامتناع عن كتابة اسم المرأة أو الفتاة عندما تموت على لافتة النعي التي يتم تعليقها على الجدار الخارجي للمنزل".
وتشير خضير إلى أن تغيير الاسم "من حق كل شخص، لكن هل بإمكان الجميع تغيير اسمه طواعية؟".
"بالتأكيد لا يمكن، لأن رموز العائلة وكبارها هم من يتحكمون بقرارات أبنائهم وبناتهم من الذين يرغبون بتبديل أسمائهم وفق دوافع اجتماعية أو عصرية"، تؤكد خضير.